معاني




فهرس معاني الكلمات001 الفاتحة ►002 البقرة ►003 آل عمران ►004 النساء ►005 المائدة ►006 الأنعام ►007 الأعراف ►008 الأنفال ►009 التوبة ►010 يونس ►011 هود ►012 يوسف ►013 الرعد ►014 إبراهيم ►015 الحجر ►016 النحل ►017 الإسراء ►018 الكهف ►019 مريم ►020 طه ►021 الأنبياء ►022 الحج ►023 المؤمنون ►024 النور ►025 الفرقان ►026 الشعراء ►027 النمل ►028 القصص ►029 العنكبوت ►030 الروم ►031 لقمان ►032 السجدة ►033 الأحزاب ►034 سبأ ►035 فاطر ►036 يس ►037 الصافات ►038 ص ►039 الزمر ►040 غافر ►041 فصلت ►042 الشورى ►043 الزخرف ►044 الدخان ►045 الجاثية ►046 الأحقاف ►047 محمد ►048 الفتح ►049 الحجرات ►050 ق ►051 الذاريات ►052 الطور ►053 النجم ►054 القمر ►055 الرحمن ►056 الواقعة ►057 الحديد ►058 المجادلة ►059 الحشر ►060 الممتحنة ►061 الصف ►062 الجمعة ►063 المنافقون ►064 التغابن ►065 الطلاق ►066 التحريم ►067 الملك ►068 القلم ►069 الحاقة ►070 المعارج ►071 نوح ►072 الجن ►073 المزمل ►074 المدثر ►075 القيامة ►076 الإنسان ►077 المرسلات ►078 النبأ ►079 النازعات ►080 عبس ►081 التكوير ►082 الإنفطار ►083 المطففين ►084 الانشقاق ►085 البروج ►086 الطارق ►087 الأعلى ►088 الغاشية ►089 الفجر ►090 البلد ►091 الشمس ►092 الليل ►093 الضحى ►094 الشرح ►095 التين ►096 العلق ►097 القدر ►098 البينة ►099 الزلزلة ►100 العاديات ►101 القارعة ►102 التكاثر ►103 العصر ►104 الهمزة ►105 الفيل ►106 قريش ►107 الماعون ►108 الكوثر ►109 الكافرون ►110 النصر ►111 المسد ►112 الإخلاص ►113 الفلق ►114 الناس ►

الجمعة، 18 فبراير 2022

فوائد ورقائق من تفسير الشيخ السعدي

فوائد ورقائق من تفسير الشيخ السعدي

" تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان "
جمع  فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ 

 
حقوق الطبع والنشر لكل مسلم 

 
بسم الله الرحمن الرحيم 

 
المقدمة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فلا يخفى كثرة تفاسير القرآن الكريم, وهي تفاسير مختلفة في اتجاهاتها, متباينة في عقائد أصحابها, مما يحتم على المسلم أن يحرص على التفاسير النافعة التي هي على منهج أهل السنة والجماعة. 

 

 

 
ومن أفضل التفاسير المختصرة في ذلك, والتي كُتبت بأسلوب سهل, تفسير العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي, رحمه الله, المسمى بـــــــ " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان "
ومن مميزات تفسيره عنايته رحمه الله, باستنباط الفوائد من الآيات, قال في تفسير سورة يوسف: فصل, في ذكر شيء من العبر والفوائد التي اشتملت عليها هذه القصة العظيمة, وقال في تفسير سورة الكهف: وفي هذه القصة العجيبة الجليلة من الفوائد والأحكام, والقواعد شيء كثير, ننبه على بعضه بعون الله, وقال في تفسير سورة القصص: فصل, في ذكر بعض الفوائد والعبر من هذه القصة العجيبة, وقال في تفسير سورة الأحزاب: وفي هذه الآيات المشتملات على هذه القصة فوائد, وقال في تفسير سورة "ص": فصل, فيما تبين لنا من الفوائد والحكم في قصة داود وسليمان عليهما السلام.
وقد يسّر الله الكريم لي فاخترتُ بعضاً من تلك الفوائد التي ذكرها في تفسيره, أسأل الله أن ينفعني وجميع المسلمين بها. 

 

 

 
ــــــــــــــــــــ(3)
سورة البقرة:
* المتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية, والآيات الكونية.
* المؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به, أو أخبر به رسوله, سواء شاهده, أو لم يشاهده, وسواء فهمه وعقله, أو لم يهتد إليه عقله وفهمه.
* إقامة الصلاة, إقامتها ظاهراً, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها, وإقامتها باطناً. بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها.
* عنوان سعادة العبد, إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق, كما عنوان شقاوة العبد, عدم هذين الأمرين منه, فلا إخلاص ولا إحسان.
* وصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية الأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته. 

 

 

* استحباب بشارة المؤمنين, وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها وثمراتها, فإنها بذلك تخف وتسهل.
* الحكمة: وضع الشيء في موضعه اللائق به.

* العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالواجب عليه التسليم, واتهام عقله, والإقرار لله بالحكمة.
* من اتبع هداه, حصل له الأمن والسعادة الدنيوية, والأخروية, والهدى, وانتفى عنه كل مكروه, من الخوف, والحزن, والضلال, والشقاء, فحصل له المرغوب, واندفع عنه المرهوب.

ــــــــــــــــــــــــــ(4)ـ
* من أمر غيره بالخير ولم يفعله, أو نهاه عن الشر فلم يتركه, دلّ على عدم عقله وجهله, خصوصاً إذا كان عالماً بذلك.

* الخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته, وسكونه لله تعالى, وانكساره بين يديه, ذلاً وافتقاراً, وإيماناً به وبلقائه.

* المعاصي يجر بعضها بعضاً, فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير, ثم ينشأ عنه الذنب الكبير, ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر, وغير ذلك, فنسأل الله العافية من كل بلاء
* الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس, وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله, وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله عليه يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده
* لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند, وأما الرشيد المؤمن العاقل, فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم, كما قال تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) [الأحزاب:36]
* الأمر بالاستبياق إلى الخيرات, قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات, فإن الاستباق إليها يتضمن فعلها, وتكميلها, وإيقاعها على أكمل الأحوال, والمبادرة إليها.
* من سبق في الدنيا إلى الخيرات, فهو السابق في الآخرة إلى الجنات, فالسابقون أعلى درجة, والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل, من صلاة, وصيام, وزكاة, وحج, وعمرة, وجهاد, ونفع متعد وقاصر.

* لو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب, لم يتخلف عنه أحد, ولكن عدم العلم اليقيني التام, هو الذي فتر العزائم, وزاد نوم النائم, وأفات الأجور العظيمة والغنائم.
ـــــــــــــــ(5)
* الجازع حصلت له المصيبتان فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة, وفوات ما هو أعظم منها وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ففاز بالخسارة والحرمان, ونقص ما معه من الإيمان وفاته الصبر والرضا والشكران.
* الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى, الذي يقبل من عباده اليسير من العمل, ويجازيهم عليه العظيم من الأجر, الذي إذا قام عبده بأوامره, وامتثل طاعته, أعانه على ذلك, وأثنى عليه ومدحه, وجازاه في قلبه نوراً وإيماناً وسعة, وفي بدنه قوة ونشاطاً, وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء, وفي أعماله زيادة توفيق.
* أليس من القبيح بالعباد أن يتمتعوا برزقه, ويعيشوا ببره, وهو يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه, أليس ذلك دليلاً على حلمه وصبره, وعفوه وصفحه, وعظيم لطفه ؟ فله الحمد أولاً وآخراً, وباطناً وظاهراً.
* في قوله: ( فمن عفي له من أخيه ) ترقيق وحثّ على العفو إلى الدية, وأحسن من ذلك العفو مجاناً.


* الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه, فمما اشتمل عليه من التقوى...أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه.
* من دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة, وخصوصاً إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به.
* أخبر تعالى أنه ( مع المتقين ) أي: بالعون والنصر والتأييد والتوفيق, ومن كان الله معه حصل له السعادة الأبدية.
ـــــــــــــ(6)
* من لم يلزم التقوى تخلى عنه وليه, فوكله إلى نفسه, فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.

* الإلقاء باليد إلى التهلكة...يدخل تحت ذلك أمور كثيرة, فمن ذلك:...الإقامة على معاصي الله, واليأس من التوبة, ومنها: ترك ما أمر الله به من الفرائض, التي في تركها هلاك للروح والبدن.

* الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه, فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار, وهو الموصل لأكمل لذة, وأجل نعيم دائماً أبداً, ومن ترك هذا الزاد فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر, وممنوع من الوصول إلى دار المتقين.
* ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومنّ بها على ربه, وجعلت له محلاً ومنزلةً رفيعة, فهذا حقيق بالمقت ورد الفعل ,كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أُخر.
* قال تعالى: ( والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة ) فيكون المتقون في أعلى الدرجات, متمتعين بأنواع النعيم والسرور, والبهجة والحبور, والكفار تحتهم في أسفل الدركات, معذبين بأنواع العذاب, والإهانة, والشقاء السرمدي الذي لا منتهى له. ففي الآية تسلية للمؤمنين, ونعي على الكافرين.
* سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل أن من قام بدينه وشرعه لا بد أن يبتليه, فإن صبر على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقعة في سبيله, فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها, ومن السيادة آلتها.
* على من علّمه الله ما لم يكن يعلم, الإكثار من ذكر الله, وفيه الإشعار أيضاً بأن الإكثار من ذكره سبب لتعليم علوم أخرى, لأن الشكر مقرون بالمزيد.
ـــــــــــــــــ(7)
* معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب, وهو: أخذ الواجب, وإعطاء الواجب وإما فضل وإحسان وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة ولو في بعض الأوقات وخصوصاً لمن بينك وبينه معاملة أو مخالطة فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم.

* المراد بالقرض الحسن: هو ما جمع أوصاف الحسن, من النية الصالحة, وسماحة النفس بالنفقة, ووقوعها في محلها, وأن لا يتبعها المنفق منّاً ولا أذى, ولا مبطلاً ومنقصاً.
* الرضا بعد وقوع القضاء المكروه للنفوس, هو الرضا الحقيقي.
* الصدقات يجتمع فيها الأمران: حصول الخير, وهو: كثرة الحسنات والثواب والأجر, ودفع الشر والبلاء الدنيوي والأخروي, بتكفير السيئات.
* الإنفاق في طرق الإحسان...خير وأجر وثواب عند الله ولهذا قال تعالى: ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) الآية, فإن الله يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله, وإن الله ينيلهم الخيرات, ويدفع عنهم الأحزان والمخاوف والكريهات.

* أخبر تعالى أنه يمحق مكاسب المرابين, ويربى صدقات المنفقين, عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق, أن الإنفاق ينقص المال, وأن الربا يزيده, فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى, وما عند الله لا ينال إلا بطاعته, وامتثال أمره.
* أكبر الأسباب لاجتناب ما حرم الله من المكاسب الربوية, تكميل الإيمان وحقوقه, خصوصاً إقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, وإن الزكاة إحسان إلى الخلق, ينافي تعاطى الربا, الذي هو ظلم لهم, وإساءة عليهم.
* تقوى الله وسيلة إلى حصول العلم.
ـــــــــــــــــــــ(8)
سورة آل عمران:
* ( كلما دخل عليها زكريا المحراب ) وهو محل العبادة, وفيه إشارة إلى كثرة صلاتها
* المقصود الأعظم من سياق القصص أنه يحصل بها العبرة.
* كلما قوي إيمان العبد, تولاه الله بلطفه, ويسره لليسرى, وجنبه العسرى.
* ( والعافين عن الناس ) يدخل في العفو عن الناس كل من أساء إليك بقول أو فعل والعفو أبلغ من الكظم, لأن العفو ترك المؤاخذة مع المساحة عن المسيء وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة وتحلى عن الأخلاق الرذيلة وممن تأجر مع الله وعفا عن عباد الله رحمة بهم وإحساناً إليهم...وليعفو الله عنه ويكون أجره على ربه الكريم.
* من رحمته بعباده المؤمنين أن قيض لهم من الأسباب ما تكرهه النفوس, لينيلهم ما يحبون, من المنازل العالية, والنعيم المقيم.
* ( حليم ) لا يعاجل من عصاه, بل يستأني به, ويدعوه إلى الإنابة إليه, والإقبال عليه, ثم إن تاب وأناب قبل منه, وصيره كأنه لم يجر منه ذنب, ولم يصدر عنه عيب, فـ لله الحمد على إحسانه.

* ( وشاورهم في الأمر ) أي: في الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر.
* المشاور لا يكاد يخطئ في فعله, وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب فليس بملوم.
* ( إنما نملى لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين ) فالله تعالى يملي للظالم, حتى يزداد طغيانه, ويترادف كفرانه, ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر, فليحذر الظالمون من الإمهال, ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال.
سورة النساء
* كل من تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ينبغي أن يعطيه منه ما تيسر.
ـــــــــــــــــــــ(9)
* الأولاد عند والديهم موصى بهم, فإما أن يقوموا بتلك الوصية فلهم جزيل الثواب, وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعد والعقاب, وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين, حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهما عليهم.
* توبة الله على عباده نوعان: توفيق منه للتوبة, وقبول لها بعد وجودها من العبد.
* على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف, من الصحبة الجميلة, وكف الأذى, وبذل الإحسان, وحسن المعاملة, ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما.
* ينبغي لكم أيها الأزواج أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن, فإن في ذلك خيراً كثيراً, من ذلك: امتثال أمر الله وقبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة, ومنها أن إجباره نفسه _مع عدم محبته لها_ فيه مجاهدة للنفس والتخلق بالأخلاق الكريمة, وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة كما هو الواقع في ذلك, وربما رزق منها ولداً صالحاً نفع والديه في الدنيا والآخرة وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحظور
* أحسن ما حدّت به الكبائر, أن الكبيرة ما فيه حدّ في الدنيا, أو وعيد في الآخرة, أو نفي إيمان, أو ترتيب لعنة, أو غضب عليه.
* النفس أمارة بالسوء, ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه.
* ينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية, والصدقة, والدعوة, واللطافة بالأقوال, والأفعال, وعدم أذيته بقول أو فعل.
* ( إن الله لا يحبُّ من كان مختالاً ) أي: معجباً بنفسه, متكبراً على الخلق.( فخوراً) يثنى على نفسه ويمدحها, على وجه الفخر والبطر على عباد الله.
* من عفوه ومغفرته أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا, ثم لقيه لا يشرك به شيئاً, لأتاه بقرابها مغفرة.
ــــــــــــــــــ(10)
* ( والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ) أي: ليروهم, ويمدحوهم, ويعظموهم.

* أمر برد كل ما تنازع الناس فيه, من أصول الدين وفروعه, إلى الله والرسول, أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله, فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية, إما بصريحهما أو عمومهما أو إيماء أو تنبيه أو مفهوم أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه

* إذا كان أولياء الشيطان يصبرون ويقاتلون وهم على باطل, فأهل الحق أولى بذلك
* يأمر تعالى بتدبر كتابه, وهو: التأمل في معانيه, وتحديق الفكر فيه, وفي مبادئه وعواقبه, ولوازم ذلك. فإن في تدبر كتاب الله مفتاحاً للعلوم والمعارف, وبه يستنتج كل خير, وتستخرج منه جميع العلوم, وبه يزداد الإيمان في القلب, وترسخ شجرته.
* إذا حصل بحث في أمر من الأمور, ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك, ويجعل إلى أهله, ولا يتقدم بين يديه, فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ.
* النهى عن العجلة, والتسرع لنشر الأمور, من حين سماعها, والأمر بالتأمل قبل الكلام, والنظر فيه, هل هو مصلحة, فيقدم عليه الإنسان, أم لا ؟ فيحجم عنه ؟
* الإنسان بطبعه ظالم جاهل, فلا تأمره نفسه إلا بالشر, فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به, واجتهد في ذلك, لطف به ربه, ووفقه لكل خير, وعصمه من الشيطان الرجيم.
* الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه, الذي عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية, التي من مقتضاها محبته وموالاته, وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى, وأي أذى أشد من القتل ؟
* العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلة إلى حالة فيها هوى, وهي مضرة له, أن يذكرها ما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها, وقدم مرضاة الله على رضا نفسه, فإن في ذلك ترغيباً للنفس في امتثال أمر الله, وإن شق ذلك عليها.
ــــــــــــــــــــ(11)
* القلب صلاحه وفلاحه وسعادته بالإنابة إلى الله تعالى في المحبة, وامتلاء القلب من ذكره, والثناء عليه, وأعظم ما يحصل به هذا المقصود: الصلاة, التي حقيقتها: أنها صلة بين العبد وبين ربه.
* الخوف, يوجب قلق القلب وخوفه, وهو مظنة لضعفه, وإذا ضعف القلب ضعف البدن....والذكر لله والإكثار منه من أعظم مقويات القلب.
* الذكر لله تعالى مع الصبر والثبات سبب الفلاح والظفر بالأعداء.
* الصلاة ميزان الإيمان, وعلى حسب إيمان العبد تكون صلاته, وتتم وتكمل.
* من يقاتل ويصبر على نيل عزه الدنيوي إن ناله, ليس كمن يقاتل لنيل السعادة الدنيوية والأخروية, والفوز برضوان الله وجنته.
* إذا دعته نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات المحرمة, قال لها: هبك فعلت ما اشتهيت, فإن لذته تنقضي, ويعقبها من الهموم, والغموم, والحسرات, وفوات الثواب, وحصول العقاب, ما بعضه يكفى العاقل في الإحجام عنها.
* وسمى ظلم النفس ظلماً, لأن نفس العبد ليست ملكاً له, يتصرف فيها بما يشاء, وإنما هي ملك لله تعالى, قد جعلها أمانة عند العبد وأمره أن يقيمها على طريق العدل, بإلزامها الصراط المستقيم, علماً وعملاً, فيسعى في تعليمها ما أمر به, ويسعى في العمل بما يجب, فسعيه في غير هذا الطريق ظلم لنفسه وخيانة.
* الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله, ولا يتم له مقصوده.
* من كان عمله صالحاً, وهو مستقيم في غالب أحواله, وإنما يصدر منه أحياناً بعض الذنوب الصغار, فما يصيبه من الهم والغم والأذى وبعض الآلام في بدنه, أو قلبه, أو حبيبه, أو ماله, ونحو ذلك, فإنها مكفرات للذنوب, لطفاً من الله بعباده.

ـــــــــــــــــــ(12)
* الصلح بين من بينهما حق أو منازعة في جميع الأشياء خير من استقصاء كل منهما على كل حقه, لما فيه من الإصلاح, وبقاء الألفة, والاتصاف بصفة السماح.
* الهوى إما أن يعمي بصيرة صاحبه, حتى يرى الحق باطلاً, والباطل حقاً, وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه, فمن سلم من هوى نفسه وفق للحق, وهدى إلى الصراط المستقيم.
* العزة لله جميعاً, فإن نواصي العباد بيده, ومشيئته نافذة فيهم, وقد تكفل بنصر دينه وعباده المؤمنين, ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين, وإدالة العدو عليهم, إدالة غير مستمرة, فإن العاقبة والاستقرار للمؤمنين.
* الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم, وبغض الكافرين وعدواتهم.
* ذكر الله تعالى وملازمته, لا يكون إلا من مؤمن, ممتلئ قلبه بمحبة الله وتعظيمه.
* الشكر هو: خضوع القلب, واعتراف بنعمة الله, وثناء اللسان على المشكور, وعمل الجوارح بطاعته, وأن لا يستعين بنعمه على معاصيه.
* ( أو تعفو عن سوء ) أي: عمن أساء إليكم في أبدانكم, وأموالكم, وأعراضكم, فتسمحوا عنه, فإن الجزاء من جنس العمل, فمن عفا لله عفا الله عنه, ومن أحسن, أحسن الله إليه.
* كل ثواب عاجل وآجل, فمن ثمرات الإيمان, فالنصر, والهدى, والعلم, والعمل الصالح, والسرور, والأفراح, والجنة وما اشتملت عليه من النعيم, كل ذلك سبب عن الإيمان.
* القرآن العظيم...اشتمل...الأمر بكل عدل وإحسان وخير, والنهي عن كل ظلم وشر فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره, وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره
ـــــــــــــــــــــــ(13)
سورة المائدة:
* العبد عليه أن يلتزم أمر الله, ويسلك طريق العدل, ولو جُني عليه, أو ظُلِمَ, واُعتدي عليه, فلا يحلُّ له أن يكذب على من كذب عليه, أو يخون من خانه.
* ( وجعلنا قلوبهم قاسية ) أي: غليظة لا تجدي فيها المواعظ, ولا تنفعها الآيات والنذر, فلا يرغبهم تشويق, ولا يزعجهم تخويف, وهذا من أعظم العقوبات على العبد, أن يكون قلبه بهذه الصفة التي لا يفيد معها الهدى والخير إلا شراً.
* كل من يقم بما أمر الله به, وأخذ به عليه الالتزام, كان له نصيب من اللعنة وقسوة القلب, والابتلاء بتحريف الكلم, وأنه لا يوفق للصواب, ونسيان حظ مما ذكر به, وأنه لا بد أن يبتلى بالخيانة, نسأل الله العافية.
* القوي من أعانه الله بقوة من عنده, فلا حول ولا قوة إلا بالله.
* العقوبة على الذنب قد تكون بزوال نعمة موجودة.
* ( فأصبح من النادمين ) وهكذا عاقبة المعاصي, الندامة والخسارة.
* الفلاح هو: الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب, والنجاة من كل مرهوب, فحقيقته السعادة الأبدية, والنعيم المقيم.
* الإيمان إذا خلطت بشاشته القلوب لم يعدل به صاحبه غيره, ولم يبغ به بدلا.
* طهارة القلب سبب لكل خير, وهو أكبر داع إلى كل قول رشيد, وعمل سديد.
* من الربانيين أي: العلماء العاملين المعلمين, الذين يربون الناس بأحسن تربية, ويسلكون معهم مسلك الأنبياء المشفقين.
* للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة, ومن أعظم العقوبات: أن يبتلى العبد ويُزين له ترك اتباع الرسول, وذلك لفسقه.
ـــــــــــــــ(14)
* محبة الله للعبد, هي أجل نعمة أنعم بها عليه, وأفضل فضيلة, تفضل الله بها عليه, وإذا أحب الله عبداً يسر له الأسباب, وهون عليه كل عسير, ووفقه لفعل الخيرات, وترك المنكرات, وأقبل بقلوب عباده إليه, بالمحبة والوداد.
* من لوازم محبة العبد لربه, أنه لا بد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً, في أقواله وأعماله, وجميع أحواله, كما قال تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
* من لوازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل.
* ومن لوازم محبة الله, معرفته تعالى, والإكثار من ذكره, فإن المحبة بدون معرفة بالله ناقصة جداً, بل غير موجودة, وإن وجدت دعواها, ومن أحب الله أكثر من ذكره.
* إذا أحبّ الله عبده قبل منه اليسير من العمل, وغفر له الكثير من الزلل.
* ( وإن جندنا لهم الغالبون ) وهذه بشارة عظيمة, لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده, أن له الغلبة, وإن أديل عليه في بعض الأحيان, لحكمة يريدها الله تعالى, فآخر أمره الغلبة والانتصار, ومن أصدق من الله قيلاً.
* من أعظم العقوبات على العبد, أن يكون الذكر الذي أنزله الله على رسوله, الذي فيه حياة القلب والروح, وسعادة الدنيا والآخرة, وفلاح الدارين,...أن تكون لمثل هذا زيادة غي إلى غيه, وطغيان إلى طغيانه, وكفر إلى كفره, بسبب إعراضه عنها, ورده لها, ومعاندته إياها, ومعارضته لها بالشبه الباطلة.
* إنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجباً للعقوبة, لما فيه من المفاسد العظيمة منها: أن مجرد السكوت فعل معصية وإن لم يباشرها الساكت, فإنه كما يجب اجتناب المعصية, فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.
ـــــــــــــــــ(15)
* المعصية مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص, وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها, يظن أنها ليست بمعصية, وربما ظن الجاهل أنها عبادة مستحسنة, وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرم الله حلالاً ؟ وانقلاب الحقائق على النفوس ورؤية الباطل حقاً ؟ !!
* المتواضع أقرب إلى الخير من المستكبر.
* لا ينبغي للإنسان أن يتجنب الطيبات, ويحرمها على نفسه, بل يتناولها, مستعيناً بها على طاعة ربه.
سورة الأنعام:
* ( قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) وهذا السير المأمور به سير القلوب والأبدان, الذي يتولد منه الاعتبار, وأما مجرد النظر من غير اعتبار, فإن ذلك لا يفيد شيئاً.
* أما حقيقة الدنيا: فإنها لعب ولهو, لعب في الأبدان, ولهو في القلوب, فالقلوب لها والهة, والنفوس لها عاشقة, والهموم فيها متعلقة, والاشتغال بها كلعب الصبيان.
* أشد ما يكون من العذاب, أن يؤخذوا على غرة, وغفلة وطمأنينة, ليكون أشد لعقوبتهم, وأعظم لمصيبتهم.
* إذا كان التذكير والوعظ مما يزيد الموعوظ شراً إلى شره, كان تركه هو الواجب, لأنه إذا ناقض المقصود كان تركه هو المقصود.
* العلم يرفع الله به صاحبه, فوق العباد درجات, خصوصاً العالم العامل المعلم, فإنه يجعله الله إماماً للناس, بحسب حاله, ترمق أفعاله, وتقتفى آثاره, ويستضاء بنوره, ويمشى بعلمه في ظلمة ديجوره.
ـــــــــــــــــــــ(16)ـ
* ( وهو اللطيف الخبير ) من لطفه أنه يسوق عبده إلى مصالح دينه, ويوصلها إليه بالطرق التي لا يشعر بها العبد ولا يسعى فيها, ويوصله إلى السعادة الأبدية, والفلاح السرمدي, من حيث لا يحتسب, حتى أنه يقدر عليه الأمور التي يكرهها العبد, ويتألم منها, ويدعو الله أن يزيلها, لعلمه أن دينه أصلح, وأن كماله متوقف عليها, فسبحان اللطيف لما يشاء, الرحيم بالمؤمنين.
* أهل الحق هم الأقلون عدداً, الأعظمون عند الله قدراً وأجراً.
* لا يتم للعبد ترك المعاصي الظاهرة والباطنة إلا بعد معرفتها, والبحث عنها, فيكون البحث عنها, ومعرفة معاصي القلب والبدن والعلم بذلك واجباً متعيناً على المكلف, وكثير من الناس يخفى عليه كثير من المعاصي, وخصوصاً معاصي القلب, كالكبر, والعجب والرياء, ونحو ذلك, حتى أنه يكون به كثير منها, وهو لا يحس به ولا يشعر
* من انشرح صدره للإسلام, أي: اتسع وانفسح, فاستنار بنور الإيمان, وحيي بضوء اليقين, فاطمأنت بذلك نفسه, وأحب الخير, وطوعت له نفسه فعله, متلذذاً به, عير مستثقل, فإن هذا من علامة على أن الله قد هداه, ومنّ عليه بالتوفيق.
* العباد إذا كثر ظلمهم وفسادهم, ومنعهم الحقوق الواجبة, ولى عليهم ظلمة, يسومونهم سوء العذاب, ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله, وحقوق عباده, على وجه غير مأجورين فيه, ولا محتسبين. كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا, أصلح الله رعاتهم, وجعلهم أئمة عدل وإنصاف.
* كل ظالم وإن تمتع في الدنيا بما تمتع به فنهايته فيه الاضمحلال والتلف.
* النهي عن قربان الفواحش, أبلغ من النهي عن مجرد فعلها, فإنه يتناول النهي عن مقدماتها, ووسائلها الموصلة إليها.
ــــــــــــــــــ(17)
* بحسب عقل العبد, يكون قيامه بما أمر الله به.
* إذا تكلم العالم عن مقالات أهل البدع, فالواجب عليه أن يعطى كل ذي حق حقه, وأن يبين ما فيها من الحق والباطل, ويعتبر قربها من الحق, وبعدها منه.

* ( كتاب أنزلناه مبارك ) أي: فيه الخير الكثير والعلم الغزير, وهو الذي تستمد منه سائر العلوم, وتستخرج منه البركات فما من خير إلا وقد دعا إليه ورغب فيه, وذكر الحكم والمصالح التي تحث عليه, وما من شر إلا وقد نهى عنه, وحذر منه, وذكر الأسباب المنفرة عن فعله, وعواقبها الوخيمة.
* علم القرآن أجل العلوم وأبركها وأوسعها, و...به تحصل الهداية إلى الصراط المستقيم, هداية تامة, لا يحتاج معها إلى تخرص المتكلفين, ولا أفكار المتفلسفين, ولا لغير ذلك من علوم الأولين والآخرين.
* من أخلص في صلاته ونسكه استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله.
سورة الأعراف:
* القياس إذا عارض النص فإنه قياس باطل, لأن المقصود بالقياس أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص يقارب الأمور المنصوص عليها, ويكون تابعاً لها, فأما قياس يعارضها, ويلزم من اعتباره إلغاء النصوص, فهذا القياس من أشنع الأقيسة.
* من أشبه آدم بالاعتراف, وسؤال المغفرة, والندم, والإقلاع إذا صدرت منه الذنوب, اجتباه ربه وهداه, ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب, لا يزال يزداد من المعاصي فإنه لا يزداد من الله إلا بعداً.
* لباس التقوى يستمر مع العبد, ولا يبلى ولا يبيد, وهو جمال القلب والروح.
* عدم الإيمان هو الموجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان.
ــــــــــــــــــ(18)
* السرف يبغضه الله, ويضر بدن الإنسان ومعيشته, حتى إنه ربما أدت به الحال أن يعجز عما يجب عليه من النفقات.
* ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) في أسمائه, وصفاته, وأفعاله, وشرعه.
* قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو الله, وأدخلوا الجنة برحمة الله, واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته بل من أعلى أنواع رحمته
* المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق.
* الطاعات تصلح بها الأخلاق, والأعمال, والأرزاق, وأحوال الدنيا, والآخرة,
* من آداب الدعاء: الإخلاص فيه لله وحده,...إخفاؤه وإسراره, أن يكون القلب خائفاً طامعاً, لا غافلاً, ولا أمناً, ولا غير مبال بالإجابة.
* الإحسان في كل عبادة: بذل الجهد فيها, وأداؤها كاملة, لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
* كلما كان العبد أكثر إحساناً, كان أقرب إلى رحمة ربه, وكان ربه قريباً منه برحمته, وفي هذا من الحث على الإحسان, ما لا يخفى.
* المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع.
* العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً, على ما معه من الإيمان, بل لا يزال خائفاً وجلاً, أن يبتلي ببلية, تسلب ما معه من الإيمان, وأن لا يزال داعياً بقوله: [ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ] وأن يعمل ويسعى, في كل سبب يخلصه من الشر, عند وقوع الفتن فإن العبد ولو بلغت به الحال ما بلغت فليس على يقين من السلامة
* سنة الله في عباده, أن العقوبة إذا نزلت, نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
ـــــــــــــــــــ(19)
* خاصية العقل النظر للعواقب, وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع, يفوت نعيماً عظيماً باقياً فأنى له العقل والرأي ؟ !!
* ( والذين يمسكون بالكتاب ) أي: يتمسكون به علماً وعملاً, فيعملون ما فيه من الأحكام والأخبار, التي علمها أشرف العلوم, ويعملون بما فيها من الأوامر, التي هي قرة العيون, وسرور القلوب, وأفراح الأرواح, وصلاح الدنيا والآخرة.
* اتباع الهوى وإخلاد العبد إلى الشهوات يكون سبباً للخذلان.
* لما كان لا بد من أذية الجاهل, أمر الله تعالى أن يقابل الجاهل بالأعراض عنه, وعدم مقابلته بجهله, فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه, ومن حرمك لا تحرمه, ومن قطعك فصِلهُ, ومن ظلمك فاعدل فيه.
* المؤمن مهتد بالقرآن متبع له, سعيد في دنياه وأخراه, وأما من لم يؤمن به فإنه ضال شقي في الدنيا والآخرة.
* الذكر لله تعالى, يكون بالقلب, ويكون باللسان, ويكون بهما, وهو أكمل أنواع الذكر وأحواله.
* من الآداب التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها: الإكثار من ذكر الله آناء الليل والنهار, خصوصاً طرفي النهار, مخلصاً خاشعاً, متضرعاً متذللاً, ساكناً, متواطئاً عليه قلبه ولسانه بأدب ووقار, وإقبال على الدعاء والذكر, وإحضار له بقلبه, وعدم غفلة, فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
سورة الأنفال:
* من نقصت طاعته لله ورسوله,...نقص إيمانه.
* قدم تعالى أعمال القلوب لأنها أصل لأعمال الجوارح, وأفضل منها.
ــــــــــــــــــــ(20)
* ( يتوكلون ) أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم, في جلب مصالحهم, ودفع مضارهم الدينية, والدنيوية, ويثقون بأن الله تعالى سيفعل ذلك.
* ينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه وينميه, وأن أولى ما يحصل به ذلك, تدبر كتاب الله تعالى, والتأمل لمعانيه.
* النصر بيد الله, ليس بكثرة عدد, ولا عُدد.
* ثبات القلب أصل ثبات البدن.
* الله إذا ثبت المؤمنين, وألقى الرعب في قلوب الكافرين, لم يقدر الكافرون على الثبات لهم, ومنحهم الله أكتافهم.
* من لطف الله بعبده أن يسهل عليه طاعته, ويسرها بأسباب داخلية وخارجية.
* من كان الله معه فهو المنصور وإن كان ضعيفاً قليلاً عدده.
* ليس الإيمان بالتمني والتحلي, ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال.
* حياة القلب والروح, بعبودية الله تعالى, ولزوم طاعته, وطاعة رسوله.
* إذا ظهر الظلم فلم يغير فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره, وتتقى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر, وقمع أهل الشر والفساد, وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن
* العاقل يوازن بين الأشياء, ويؤثر أولاها بالإيثار, وأحقها بالتقديم
* امتثال العبد لتقوى ربه, عنوان السعادة, وعلامة الفلاح.
* ذكر هنا أن من اتقى الله حصل أربعة أشياء كل واحد منها خير من الدنيا وما فيها
الأول: الفرقان, وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى والضلال والحق والباطل, الثاني والثالث: تكفير السيئات, ومغفرة الذنوب....الرابع: الأجر العظيم, والثواب الجزيل, لمن اتقاه, وآثر رضاه على هوى نفسه.
ـــــــــــــــــــ(21)
* ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) فهذا مانع من وقوع العذاب بهم, بعد ما انعقدت أسبابه.
* من كان الله مولاه وناصره, فلا خوف عليه, ومن كان الله عليه, فلا عزّ له, ولا قائمة تقوم له.
* الصبر والثبات, والإكثار من ذكر الله, من أكبر الأسباب للنصر.
* الكافرون بربهم...الله لهم بالمرصاد, وله تعالى الحكمة البلغة في إمهالهم, وعدم معاجلتهم بالعقوبة, التي من جملتها: ابتلاء عباده المؤمنين, وامتحانهم, وتزودهم من طاعته ومراضيه, ما يصلون به المنازل العالية, واتصافهم بأخلاق وصفات لم يكونوا بغيره بالغيها.
* الكفار (قوم لا يفقهون) أي لا علم عندهم بما أعدّ الله للمجاهدين في سبيله, فهم يقاتلون لأجل العلو في الأرض والفساد فيها, وأنتم تفقهون المقصود من القتال أنه لأعلاء كلمة الله وإظهار دينه, والذب عن كتاب الله, وحصول الفوز الأكبر عند الله.

سورة التوبة:
* الجهاد في سبيل الله...ذرة سنام الدين, به يحفظ الدين الإسلامي, ويتسع, وينصر الحق, ويخذل الباطل.
* السكينة: ما يجعله الله في القلوب, وقت القلاقل والزلازل, والمفظعات, ما يثبتها, ويسكنها, ويجعلها مطمئنة, وهي من نعم الله العظيمة على العباد.
* ( والله غفور رحيم ) أي: ذو مغفرة واسعة, ورحمة عامة, يعفو عن الذنوب العظيمة للتائبين, ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة والطاعة, والصفح عن جرائمهم, وقبول توباتهم, فلا ييأسنّ أحد من رحمته ومغفرته, ولو فعل من الذنوب والإجرام, ما فعل.
ـــــــــــــــــــــــ(22)
* ليس الرزق مقصوراً على باب واحد, ومحل واحد, بل لا ينغلق باب, وإلا وفتح أبواب كثيرة, فإن فضل الله واسع, وجوده عظيم, خصوصاً لمن ترك شيئاً لوجه الله الكريم, فإن الله أكرم الأكرمين.
* الله يعطى الدنيا من يحبّ, ومن لا يحب, ولا يعطي الإيمان والدين إلا من يحب.
* نور الله: دينه, الذي أرسل به الرسل, وأنزل به الكتب, وسماه الله نوراً لأنه يستنار به في ظلمات الجهل, والأديان الباطلة.
* انحراف الإنسان في ماله, إما أن ينفقه في الباطل الذي لا يجدى عليه نفعاً, بل لا ينال منه إلا الضرر المحض, وذلك كإخراج الأموال في المعاصي والشهوات, التي لا تعين على طاعة الله, وإخراجها للصد عن سبيل الله, وإما أن يمسك ماله عن إخراجه في الواجبات.
* ( واعلموا أن الله مع المتقين ) بعونه, ونصره, وتأييده.
* العوائد المخالفة للشرع, مع الاستمرار عليها, يزول قبحها عن النفوس, وربما ظن أنها عوائد حسنة.
* فما مقدار عمر الإنسان القصير جداً من الدنيا, حتى يجعله الغاية, التي لا غاية وراءها, فيجعل سعيه وكده, وهمه, وإرادته, لا يتعدى الحياة الدنيا القصيرة المملوءة بالأكدار, المشحونة بالأخطار.
* فوالله ما آثر الدنيا على الآخرة, ومن وقرّ الإيمان في قلبه, ولا من جزل رأيه, ولا من عُدّ من أولى الألباب.
* السكينة...تكون على حسب معرفة العبد بربه, وثقته بوعده, وبحسب إيمانه وشجاعته.
ـــــــــــــــــــــ(23)
* الحزن قد يعرض لخواص عباده الصديقين, مع أن الأولى إذا نزل بالعبد أن يسعى في ذهابه عنه, فإنه مضعف للقلب, موهن للعزيمة.
* العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال, القائم بالعبادة السهلة والشاقة, فهذا العبد لله على كل حال.
* لا خاب من توكل عليه, وأما من توكل على غيره, فإنه مخذول, غير مدرك لما أمل.
* ينبغي للعبد أن لا يأتي الصلاة, إلا وهو نشيط البدن والقلب إليها, ولا ينفق إلا وهو منشرح الصدر, ثابت القلب, يرجو ذخرها وثوابها من الله وحده, ولا يتشبه بالمنافقين.
* لا ينبغي للعبد أن يكون رضاه وغضبه, تابعاً لهوى نفسه الدنيوي, وغرضه الفاسد, بل الذي ينبغي أن يكون لمرضاة ربه.
* لو أعطى الأغنياء زكاة أموالهم على الوجه الشرعي, لم يبق فقير من المسلمين, ولحصل من الأموال ما يسد الثغور, ويجاهد به الكفار, وتحصل به جميع المصالح الدينية.
* الاستهزاء بالله ورسوله, كفر مخرج عن الدين, لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله, وتعظيم دينه ورسله, والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل, ومناقض له أشد المناقضة.
* ( إن المنافقين هم الفاسقون ) حصر الفسق فيهم, لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم, بدليل أن عذابهم أشد من عذاب غيرهم, وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم, إذ كانوا بين أظهرهم, والاحتراز منهم شديد.
* ( فإن يتوبوا يك خيراً لهم ) لأن التوبة أصل لسعادة الدنيا والآخرة.
ـــــــــــــــــــ(24)
* ( ورضوان من الله ) يحله على أهل الجنة, ( أكبر ) مما هم فيه من النعيم, فإن نعيمهم لم يطب, إلا برؤية ربهم, ورضوانه عليهم, ولأنه الغاية التي أمَّها العابدون, والنهاية التي سعى نحوها المحبون, فرضا رب الأرض والسموات, أكبر نعيم الجنات.
* ( الذين يلمزون ) أي: يعيبون, ويطعنون,...واللمز محرم, بل هو من كبائر الذنوب, في أمور الدنيا, وأما للمز في أمر الطاعة فأقبح وأقبح.
* من أطاع الله, وتطوع بخصلة من خصال الخير, فإن الذي ينبغي هو إعانته, وتنشيطه على عمله.
* الكافر لا ينفعه الاستغفار, ولا العمل مادام كافراً.
* المؤمنين...إذا تخلفوا ولو لعذر حزنوا على تخلفهم, وتأسفوا غاية الأسف, ويحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله, لما في قلوبهم من الإيمان, ولما يرجون من فضل الله وإحسانه, وبره وامتنانه.
* من نوى الخير, واقترن بنيته الجازمة, وسعى فيما يقدر عليه, ثم لم يقدر, فإنه ينزل منزلة الفاعل التام.
* ينبغي للمؤمن أن يؤدى ما عليه من الحقوق, منشرح الصدر, مطمئن النفس, ويحرص أن تكون مغنماً, ولا تكون مغرماً.
* ( ذلك الفوز العظيم ) الذي حصل لهم فيه كل محبوب للنفوس, ولذة للأرواح, ونعيم للقلوب, وشهوة للأبدان, واندفع عنهم كل محذور.
* ( خُذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) أي: تطهرهم من الذنوب, والأخلاق الرذيلة, ( وتزكيهم ) أي: تنميهم وتزيد في أخلاقهم الحسنة, وأعمالهم الصالحة, وتزيد في ثوابهم الدنيوي, والأخروي, وتنمي أموالهم.
ـــــــــــــــــــــــ(25)
* العبد لا يمكنه أن يتطهر ويتزكى حتى يخرج زكاة ماله.
* ينبغي إدخال السرور على المؤمن, بالكلام اللين, والدعاء له, ونحو ذلك, مما يكون فيه طمأنينة وسكون لقلبه.
* ( وأن الله هو التواب الرحيم ) أي: كثير التوبة على التائبين, فمن تاب إليه تاب عليه, ولو تكررت منه المعصية مراراً.
* ( والله يحب المطهرين ) الطهارة المعنوية: كالتنزه عن الشرك, والأخلاق الرذيلة, والطهارة الحسية, كإزالة الأنجاس, ورفع الأحداث.
* المعصية تؤثر في البقاع, كما أثرت معصية المنافقين في مسجد الضرار, ونهي عن القيام فيه, وكذلك الطاعة تؤثر في الأماكن كما اثرت في مسجد قباء.
* ( السائحون ) فسرت السياحة بالصيام, أو السياحة في طلب العلم, وفسرت بسياحة القلب في معرفة الله ومحبته, والإنابة إليه على الدوام, والصحيح أن المراد بالسياحة: السفر في القربات كالحج, والعمرة, والجهاد, وطلب العلم, وصلة الأقارب, ونحو ذلك.
* ( وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ) أي: تيقنوا وعرفوا بحالهم, أنه لا ينجي من الشدائد, ويلجأ إليه, إلا الله وحده لا شريك له, فانقطع تعلقهم بالمخلوقين, وتعلقوا بالله ربهم, وفروا منه إليه.
* العبادة الشاقة على النفس, لها فضل ومزية, ليست لغيرها, وكلما عظمت المشقة عظم الأجر.
* علامة الخير, وزوال الشدة ,إذا تعلق القلب بالله تعالى, تعلقاً تاماً, وانقطع عن المخلوقين.
ــــــــــــــــ(26)
* من تعلماً علماً, فعليه نشره وبثه في العباد, ونصيحتهم فيه, فإن انتشار العلم عن العالم من بركته, وأجره الذي ينمى.
* تنبيه...لفائدة مهمة, وهي أن المسلمين ينبغي لهم أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة, من يقوم بها, ويوفر وقته عليها, ويجتهد فيها, ولا يلتفت إلى غيرها.
* المعونة من الله, تنزل بحسب التقوى, فلازموا على تقوى الله, يُعنكُم وينصركم على عدوكم.
* الإيمان يزيد وينقص, وينبغي للمؤمن أن يتفقد إيمانه ويتعاهده, فيجدده وينميه, ليكون دائماً في صعود.
سورة يونس:
* الحث والترغيب على التفكير في مخلوقات الله, والنظر فيها, بعين الاعتبار, فإن بذلك تنفسح البصيرة, ويزداد الإيمان والعقل, وتقوى القريحة, وفي اهمال ذلك تهاون بما أمر الله به, وإغلاق لزيادة الإيمان, وجمود للذهن والقريحة.
* ( جنات النعيم ) أضافها الله إلى النعيم, لاشتمالها على النعيم التام, نعيم القلب بالفرح والسرور والبهجة والحبور ورؤية الرحمن وسماع كلامه, والاغتباط برضاه وقربه, ولقاء الأحبة والإخوان والتمتع بالاجتماع بهم, وسماع الأصوات المطربات, والنغمات المشجيات, والناظر المفرحات, ونعيم البدن بأنواع المآكل والمشارب والمناكح.
* من لطفه وإحسانه بعباده, أنه لو عجل لهم الشر إذا أتوا بأسبابه....لمحقتهم العقوبة ولكنه تعالى يمهلهم ولا يهملهم, ويعفو عن كثير من حقوقه.
* المكروه إذا وقع بالإنسان, تبين ذلك في وجهه, وتغيّر, وتكدر.
* لا ينبغي للإنسان أن يبادر بقبول شيء أو رده, قبل أن يحيط به علماً.
ـــــــــــــــــــ(27)ـ
* القرآن...أعظم نعمة, ومنة, وفضل تفضل الله به على عباده.
* ( لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة ) أما البشارة في الدنيا, فهي الثناء الحسن, والمودة في قلوب المؤمنين, والرؤيا الحسنة, وما يراه العبد من لطفه به وتيسره لأحسن الأعمال والأخلاق, وصرفه عن مساوئ الأخلاق, وأما في الآخرة, فأولها: البشارة عند قبض أرواحهم...وفي القبر, ما يبشر به من رضا الله تعالى, والنعيم المقيم, وفي الآخرة, تمام البشرى, بدخول جنات النعيم, والنجاة من العذاب الأليم.
* كل مفسد, عمل عملاً, واحتال كيداً, أو أتى بمكر, فإن عمله سيبطل, ويضمحل, وإن حصل لعمله رواج في وقت ما, فإن مآله الاضمحلال, والمحق.
* المصلحون الذين قصدهم بأعمالهم وجه الله تعالى, وهي أعمال ووسائل نافعة, مأمور بها, فإن الله يصلح أعمالهم ويرقيها, وينميها على الدوام.
* والحكمة والله أعلم بكونه ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه, أن الذرية والشباب أقبل للحق, وأسرع له انقياداً, بخلاف الشيوخ ممن تربى على الكفر فإنهم بسبب ما مكث في قلوبهم من العقائد الفاسدة, أبعد عن الحق من غيرهم.
* ( قال ) الله تعالى: ( قد أجيبت دعوتكما ) هذا دليل على أن موسى كان يدعو, وهارون يُؤمّن على دعائه, وأن الذي يؤمن يكون شريكاً للداعي في ذلك الدعاء.
* الداء الذي يعرض لأهل الدين الصحيح: أن الشيطان إذا أعجزه أن يطيعوه في ترك الدين بالكلية, سعى في التحريش بينهم, وإلقاء العداوة والبغضاء, فحصل من الاختلاف ما هو موجب ذلك ثم حصل من تضليل بعضهم لبعض وعداوة بعضهم لبعض ما هو قرة عين اللعين وإلا فإذا كان ربهم واحداً ورسولهم واحداً ودينهم واحداً ومصالحهم العامة متفقة, فلأي شيء يختلفون اختلافاً يفرق شملهم, ويشتت أمرهم.
ــــــــــــــــــــ(28)
* إن مع العسر يسرا, وإذا اشتد الكرب, وضاق الأمر, فرجه الله, ووسعه.
* الله يدافع عن الذين آمنوا, فإنه بحسب ما مع العبد من الإيمان, تحصل له النجاة من المكاره.
سورة هود:
* الإنسان...جاهل ظالم...إلا من وفقه الله, وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده, وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا, وعند السراء فلم يبطروا, وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.
* الإنسان...الله إذا أذاقه منه رحمه, كالصحة والرزق والأولاد, ونحو ذلك, ثم نزعها منه, فإنه يستسلم لليأس, وينقاد للقنوط, فلا يرجو ثواب الله, ولا يخطر بباله أن الله سيردها, أو مثلها, أو خير منها.
* الإنسان...الله إذا أذاقه...رحمة بعد ضراء مسته, أنه يفرح ويبطر, ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير...وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس, والتكبر على الخلق, واحتقارهم, وازدرائهم, وأي عيب أشد من هذا ؟!!
* لا ينبغي للداعي إلى الله أن يصده اعتراض المعترضين, ولا قدح القادحين, وخصوصاً إذا كان القدح لا مستند له, ولا يقدح فيما دعا إليه, وأنه لا يضيق صدره, بل يطمئن بذلك, ماضياً على أمره, مقبلاً على شأنه.
* ( وأخبتوا إلى ربهم ) أي: خضعوا له, واستكانوا لعظمته, وذلوا لسلطانه, وأنابوا إليه بمحبته, وخوفه, ورجائه, والتضرع إليه.
* ( إن ربي قريب مجيب ) أي: قريب ممن دعاءه, دعاء مسألة, أو دعاء عبادة, يجيبه بإعطائه سؤاله, وقبول عبادته, وإثابته عليها أجل الثواب.
ـــــــــــــــــــ(29)
* الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, وأي فحشاء ومنكر أكبر من عبادة غير الله, ومن منع حقوق الله, أو سرقتها بالمكاييل والموازين.
* بهذين الأمرين: تستقيم أحوال العبد, وهما: الاستعانة بربه, والإنابة إليه, كما قال تعالى: ( فاعبده وتوكل عليه ), وقال: ( إياك نعبد وإياك نستعين )
* ( إن ربي رحيم ودود ) ومعنى الودود...أنه يحب عباده المؤمنين ويحبونه
* نقص المكاييل والموازين من كبائر الذنوب, وتخشى العقوبة العاجلة على من تعاطى ذلك, وأن ذلك من سرقة أموال الناس, وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين موجبة للوعيد فسرقتهم على وجه القهر والغلبة من باب أولى وأحرى.
* الجزاء من جنس العمل, فمن بخس أموال الناس, يريد زيادة ماله, عوقب بنقيض ذلك, وكان سبباً لزوال الخير الذي عنده من الرزق, لقوله: ( إني أراكم بخير ) فلا تتسببوا إلى زواله بفعلكم.
* الصلاة....من أفضل الأعمال...وهي ميزان للإيمان وشرائعه, فبإقامتها على وجهها, تكمل أحوال العبد, وبعدم إقامتها تختل أحواله الدينية.
* من تكملة دعوة الداعي وتمامها, أن يكون أول مبادر لما يأمر غيره به, وأول منته عما ينهى غيره عنه, كما قال شعيب عليه السلام: ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) ولقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون )
* العبد ينبغي له أن لا يتكل على نفسه طرفة عين, بل لا يزال مستعيناً بربه, متوكلاً عليه, سائلاً له التوفيق, وإذا حصل له شيء من التوفيق, فلينسبه لموليه ومسديه, ولا يعجب بنفسه لقوله: ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )
* ينبغي أن تذكر القصص التي فيها إيقاع العقوبات بالمجرمين في سياق الوعظ والزجر
ـــــــــــــــــــــــ(30)ـ
* ينبغي ذكر ما أكرم الله به أهل التقوى عند الترغيب والحث على التقوى.
* ( إن في ذلك ) المذكور, من أخذ الظالمين بأنواع العقوبات, ( لآية لمن خاف عذاب الآخرة ) أي: لعبرة ودليلاً, على أن أهل الظلم والإجرام لهم العقوبة الدنيوية, والعقوبة الأخروية.
* السعداء هم: المؤمنون المتقون.
* ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) ففي هذه الآية: التحذير من الركون إلى كل ظالم, والمراد بالركون الميل والانضمام إليه بظلمه, وموافقته على ذلك, والرضا بما هو عليه من الظلم. وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة, فكيف حال الظلمة ؟!! نسأل الله العافية من الظلم.
* ( واصبر ) أي: احبس نفسك على طاعة الله, وعن معصيته, وإلزامها بذلك, واستمر ولا تضجر.
* ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) في هذا ترغيب عظيم للزوم الصبر, بتشويق النفس الضعيفة إلى ثواب الله, كلما ونت وفترت.
* النفوس تأنس بالاقتداء, وتنشط على الأعمال, وتريد المنافسة لغيرها.
* من ليس من أهل الإيمان فلا تنفعهم المواعظ, وأنواع التذكير.
سورة يوسف:
* ( لعلكم تعقلون ) أي: تزداد عقولكم بتكرر المعاني الشريفة العالية على أذهانكم, فتنتقلون من حال إلى أحوال أعلى منها وأكمل.
* إذا أراد الله أمراً من الأصول العظام قدّم بين يديه مقدمة, توطئة له, وتسهيلاً لأمره, واستعداداً لما يرد على العبد من المشاق, ولطفاً بعبده, وإحساناً إليه.
ـــــــــــــــــــــــ(31)
* الله تعالى جعل للحق والصدق علامات, وأمارات تدل عليه, قد يعلمها العباد, وقد لا يعلمونها.
* اعتصم يوسف بربه...فاستحب السجن, والعذاب الدنيوي, على لذة حاضرة, توجب العذاب الشديد.
* ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) فإن كل خائن لا بدّ أن تعود خيانته ومكره على نفسه, ولابد أن يتبين أمره.
* ( وعليه فليتوكل المتوكلون ) فإن بالتوكل يحصل كل مطلوب, ويندفع كل مرهوب.
* ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) عواقب الأمور, ودقائق الأشياء, وكذلك أهل العلم منهم يخفي عليهم من العلم وأحكامه ولوازمه شيء كثير.
* الصبر الجميل, الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع, ولا شكوى للخلق.
* ( ولا تيأسوا من روح الله ) فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه, والإياس يوجب له التثاقل والتباطؤ. وأولى ما رجا العباد فضل الله وإحسانه ورحمته وروحه....وبحسب إيمان العبد يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه.
* ( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ) أي: فضلك علينا بمكارم الأخلاق, ومحاسن الشيم, وأسأنا إليك غاية الإساءة, وحرصنا على إيصال الأذى إليك, والتبعيد لك عن أبيك. فآثرك الله تعالى, ومكنك مما تريده.
* ( إن ربي لطيف لما يشاء ) يوصل بره وإحسانه إلى العبد, من حيث لا يشعر, ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها.
* علم التعبير من العلوم المهمة, التي يعطيها الله من يشاء من عباده....ومن العلوم الشرعية, وأنه يثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه.
ـــــــــــــــــــــ(32)
* هذه القصة من أحسن القصص, وأوضحها, وأبينها, لما فيها من أنواع التنقلات, من حال إلى حال, ومن محنة إلى محنة, ومن محنة إلى منحة ومنةٍ, ومن ذل إلى عز, ومن رقٍّ إلى ملك, ومن فرقة وشتات, إلى اجتماع وائتلاف, ومن حزن إلى سرور...ومن ضيق إلى سعة...فتبارك من قصها فأحسنها ووضحها وبينها...وقال رحمه الله: ومن فوائد قصة يوسف: أن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً, فإنه لما طال الحزن على يعقوب, واشتد به إلى أنهى ما يكون, ثم حصل الاضطرار لآل يعقوب, ومسهم الضر, أذن الله حينئذ بالفرج, فحصل التلاقي في أشد الأوقات إليه حاجة, واضطراراً, فتم بذلك الأجر, وحصل السرور.
* ينبغي للعبد البعد عن أسباب الشر, وكتمان ما يخشى مضرته, لقول يعقوب ليوسف: ( لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا)
* الحذر من شؤم الذنوب, وأن الذنب الواحد يستبع ذنوباً كثيرة.
* العبرة في حال العبد بكمال النهاية, لا بنقص البداية, فإن أولاد يعقوب عليه السلام, جرى منهم ما جرى في أول الأمر, مما هو أكبر أسباب النقص واللوم, ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح, والسماح التام من يوسف ومن أبيهم, ومن الدعاء بالمغفرة والرحمة.
* من دخل الإيمان في قلبه, وكان مخلصاً لله, في جميع أموره فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه, وصدق إخلاصه, من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي, ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه لقوله: ( وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه, كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )
* ينبغي للعبد إذا رأى محلاً فيه فتنة وأسباب معصية أن يفرَّ منه...غاية ما يمكنه
ــــــــــــــــ(33)
* يوسف....جماله الباطن, العفة العظيمة عن المعصية, مع وجود الدواعي الكثيرة لوقوعها.
* ينبغي للعبد إذا ابتلي بين أمرين: إما فعل معصية, وإما عقوبة دنيوية, أن يختار العقوبة الدنيوية على مواقعة الذنب الموجب للعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة.
* ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله, ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية, ويتبرأ من حوله وقوته, لقول يوسف عليه السلام: ( وإلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين )
* العلم والعقل يدعوان صاحبهما إلى الخير, وينهيانه عن الشر, وأن الجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس, وإن كان معصية ضاراً لصاحبه.
* كما أن على العبد عبودية لله في الرخاء, فعليه عبودية له في الشدة, فـ " يوسف " عليه السلام, لم يزل يدعو إلى الله, فلم دخل السجن استمر على ذلك, ودعا الفتيين إلى التوحيد, ونهاهما عن الشرك.
* إذا سئل المفتي وكان السائل في حاجة أشد لغير ما سأل عنه, أنه ينبغي أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله, فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته, وحسن إرشاده وتعليمه, فإن يوسف لما سأله الفتيان عن الرؤيا, قدّم لهما قبل تعبيرها, دعوتهما إلى الله وحده لا شريك له.
* على المعلم...أن لا يمتنع من التعليم, أو لا ينصح فيه, إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم, فإن يوسف عليه السلام قد قال ووصى أحد الفتيين أن يذكره عند ربه فلم يذكره ونسي, فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف, أرسلوا ذلك الفتى, وجاءه سائلاً مستفتياً عن تلك الرؤيا فلم يعنفه يوسف....بل أجابه عن سؤاله جواباً تاماً.
ــــــــــــــــــ(34)
* ينبغي ويتأكد على المعلم استعمال الإخلاص التام في تعليمه, وأن لا يجعل تعليمه وسيلة لمعاوضة أحد من مال, أو جاه, أو نفع.
* ينبغي للمسئول أن يدلّ السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله, ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه, ودنياه, فإن هذا من كمال نصحه, وفطنته, وحسن إرشاده, فإن يوسف عليه السلام, لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك.
بل دلّهم مع ذلك على ما يصنعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع, وكثرة جبايته.
* تعبير الرؤيا داخل في الفتوى, لقوله للفتيين: ( قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) وقال الملك: ( أفتوني في أمري ) وقال الفتى ليوسف: (أفتنا في سبع بقرات ) الآيات فلا يجوز تعبير الرؤيا من غير علم.
* لا بأس أن يخبر الإنسان عما في نفسه من صفات الكمال من علم أو عمل, إذا كان في ذلك مصلحة, ولم يقصد العبد الرياء, وسلم من الكذب, لقول يوسف عليه السلام: ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )
* لا تذم الولاية إذا كان المتولي فيها يقوم بما يقدر عليه من حقوق الله, وحقوق عباده, وأنه لا بأس بطلبها, إذا كان أعظم كفاءة من غيره, وإنما الذي يُذمُّ إذا لم يكن فيه كفاية, أو كان موجوداً غيره مثله, أو أعلى منه, أو لم يرد بها إقامة أمر الله. فهذه الأمور ينهى عن طلبها, والتعرض لها.
* العبد ينبغي له أن يدعو نفسه ويشوقها لثواب الله, ولا يدعها تحزن إذا رأت زينة أهل الدنيا ولذاتها, وهي غير قادرة عليها, بل يسليها بثواب الله الأخروي وفضله العظيم لقوله تعالى: ( ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون )
ـــــــــــــــــــ(35)
* هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام, حيث قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة, ويحزنه ذلك أشدّ الحزن, فحصل التفريق بينه وبينه مدة طويلة لا تقصر عن ثلاثين سنة. ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه هذه المدة ( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) ثم ازداد به الأمر شدة حين صار الفراق بينه وبين ابنه الثاني, شقيق يوسف, هذا وهو صابر لأمر الله, محتسب الأجر من الله, قد وعد من نفسه الصبر الجميل, ولا شك أنه وفى بما وعد به. ولا ينافي ذلك قوله: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر, وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين.
* إن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسراً, فإنه لما طال الحزن على يعقوب, واشتد به إلى أنهى ما يكون, ثم حصل الاضطرار لآل يعقوب, ومسهم الضر, أذن الله حينئذ بالفرج, فحصل التلاقي في أشد الأوقات إليه حاجة واضطراراً, فتم الأجر وحصل السرور, وعُلِمَ من ذلك أن الله يبتلي أولياءه بالشدة والرخاء, والعسر واليسر, ليمتحن صبرهم وشكرهم, ويزداد بذلك إيمانهم ويقينهم وعرفانهم.
* فضيلة التقوى, وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر, وأن عاقبة أهلها أحسن العواقب لقوله: ( قد منّ الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )
* ينبغي لمن أنعم الله عليه بنعمة بعد شدة وفقر وسوء حال أن يعترف بنعمة الله عليه, وأن لا يزال ذاكراً حاله الأولى ليحدث لذلك شكراً كلما ذكرها.
* لطف الله بيوسف حيث نقله في تلك الأحوال, وأوصل إليه الشدائد والمحن, ليوصله بها إلى أعلى الغايات, ورفيع الدرجات.
ـــــــــــــــــــــ(36)
* ينبغي للعبد أن يتملق إلى الله دائماً, في تثبيت إيمانه, ويعمل الأسباب الموجبة لذلك ويسأل الله حسن الخاتمة وتمام النعمة لقول يوسف علية الصلاة والسلام ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليّ في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين )
سورة الرعد:
* ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) أي: لا يزال خيره إليهم, وإحسانه وبره وعفوه نازلاً إلى العباد, وهم لا يزال شركهم وعصيانهم إليه صاعداً, يعصونه فيدعوهم إلى بابه, ويجرمون فلا يحرمهم خيره وإحسانه, فإن تابوا إليه فهو حبيبهم, لأنه يحب التوابين, ويحب المتطهرين, وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم يبتليهم بالمصائب ليطهرهم من المعايب.
* ( وإن ربك لشديد العقاب ) على من لم يزل مصراً على الذنوب, قد أبى التوبة والاستغفار والالتجاء إلى العزيز الغفار. فليحذر العباد عقوباته بأهل الجرائم, فإن أخذه أليم شديد.
* ( إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ ) من النعمة والإحسان ورغد العيش ( حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر, ومن الطاعة إلى المعصية, أو من شكر نعم الله إلى البطر بها, فيسلبهم الله إياها عند ذلك. وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية فانتقلوا إلى طاعة الله غيَّر الله عليهم ما كانوا عليه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة.
* الله وحده...الذي ينبغي أن يصرف له الدعاء والخوف والرجاء والحب والرغبة والرهبة والإنابة, لأن ألوهيته هي الحق, وألوهية غيره باطلة.
ــــــــــــــــــــ(37)
* التعليق على المحال من أبلغ ما يكون في نفي الشيء, كما قال تعالى: ( إن الذين كفروا وكذبوا بآياتنا لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط )
* ( ويدرءون بالحسنة السيئة ) أي: من أساء إليهم بقول أو فعل لم يقابلوه بفعله, بل قابلوه بالإحسان إليه, فيعطون من حرمهم, ويعفون عمن ظلمهم, ويصلون من قطعهم, ويحسنون إلى من أساء إليهم, وإذا كانوا يقابلون المسيء بالإحسان فما ظنك بغير المسيء ؟ !.
* ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) أي: يزول قلقها واضطرابها, وتحضر أفراحها ولذاتها.
* لا شيء ألذ للقلوب ولا أحلى من محبة خالقها, والأنس به ومعرفته, وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له يكون ذكرها له.
سورة إبراهيم:
* الشكر هو: اعتراف القلب بنعم الله, والثناء على الله بها, وصرفها في مرضاة الله تعالى, وكفر النعمة ضد ذلك.
* ( ولنصبرن على ما آذيتمونا ) أي: ولنستمرنّ على دعوتكم ووعظكم وتذكيركم, ولا نبالي بما يأتينا منكم من الأذى, فإنا سنوطن أنفسنا على ما ينالنا منكم من الأذى, احتساباً للأجر, ونصحاً لكم, لعل الله أن يهديكم مع كثرة التذكير.
* خسر في الدنيا والآخرة من تجبر على الله, وعلى الحق, وعلى عباد الله, واستكبر في الأرض, وعاند الرسل وشاقهم.
* ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) فضلاً عن قيامكم بشكرها.
ــــــــــــــــــــ(38)
* ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون ) حيث أمهلهم وأدرَّ عليهم الأرزاق, وتركهم يتقلبون في البلاد, آمنين مطمئنين, فليس في هذا ما يدل على حسن حالهم, فإن الله يُملي للظالم ويمهله, ليزداد إثماً, حتى إذا أخذه لم يفلته, ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) والظلم ههنا يشمل الظلم بين العبد وربه, وظلمه لعباد الله.
سورة الحجر:
* الغاوي: ضد الراشد, فهو الذي عرف الحق وتركه, والضال: الذي تركه من غير علم منه به.
* من أنعم الله عليه بالهداية والعلم العظيم, فلا سبيل إلى القنوط إليه, لأنه يعرف من كثرة الأسباب والوسائل والطرق لرحمة الله شيئاً كثيراً.
* الله تعالى إذا أراد أن يهلك قرية, زاد شرهم وطغيانهم, فإذا انتهى أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.
* الصفح الجميل, أي: الحسن الذي سلم من الحقد, والأذية القولية والفعلية, دون الصفح الذي ليس بجميل, وهو الصفح في غير محله, فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة, كعقوبة المعتدين الظالمين, الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة.
* ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله, وقتله شر قتله.
* أكثر من ذكر الله, وتسبيحه, وتحميده, والصلاة, فإن ذلك يوسع الصدر, ويشرحه, ويعينك على أمورك.
* ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) أي: الموت.
ــــــــــــــــــــ(39)
سورة النحل:
* نعمه الظاهرة والباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات من جميع أصناف النعم, مما يعرف العباد ومما لا يعرفون, وما يدفع عنهم من النقم فأكثر من أن يحصى
* ( فلبئس مثوى المتكبرين ) نار جهنم, فإنها مثوى الحسرة والندم, ومنزل الشقاء والألم, ومحل الهموم والغموم, وموضع السخط من الحي القيوم, لا يُفتَّر عنهم من عذابها, ولا يرفع عنهم يوماً من أليم عقابها, قد أعرض عنهم الرب الرحيم, وأذاقهم العذاب العظيم.
* ( للذين أحسنوا ) في عبادة الله تعالى, وأحسنوا إلى عباد الله, فلهم ( في هذه الدنيا حسنة ) رزق واسع, وعيشة هنية, وطمأنينة قلب, وأمن, وسرور.
* يعطى الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه حتى أنه يُذكرُهم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم, فتبارك الذي لا نهاية لكرمه, ولا حد لجوده.
* ( طيبين ) طابت قلوبهم بمعرفة الله ومحبته, وألسنتهم بذكره والثناء عليه, وجوارحهم بطاعته والإقبال عليه.
* ( فسيروا في الأرض ) بأبدانكم وقلوبكم, ( فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) فإنكم سترون من ذلك العجائب, فلا تجد مكذباً إلا كان عاقبته الهلاك.
* ما فات أحداً شيء من الخير إلا لعدم صبره, وبذل جهده فيما أريد منه, أو لعدم توكله واعتماده على الله.
* هذا تخويف من الله تعالى لأهل الكفر والتكذيب وأنواع المعاصي, من أن يأخذهم بالعذاب على غرَّة وهم لا يشعرون, إما أن يأخذهم بالعذاب من فوقهم أو من أسفل منهم بالخسف أو غيره, وإما في حال تقلبهم وشغلهم وعدم خطور العذاب ببالهم.
ـــــــــــــــ(40)
* فليستحِ المجرم من ربه, أن تكون نعم الله عليه نازلة في جميع الحالات, ومعاصيه صاعدة إلى ربه في كل الأوقات, وليعلم أن الله يمهل ولا يهمل, وأنه إذا أخذ العاصي أخذه أخذ عزيز مقتدر. فليتُب إليه, وليرجع إليه في جميع أموره, فإنه رءوف رحيم. فالبدار البدار إلى رحمته الواسعة, وبره العميم, وسلوك الطرق الموصلة إلى فضل الرب الرحيم, ألا وهي تقواه, والعمل بما يحبه ويرضاه.
* ( ثم إذا مسكم الضر ) من فقر, ومرض, وشدة, ( فإليه تجأرون ) أي: تضجون بالدعاء والتضرع, لعلمكم أنه لا يدفع الضر والشدة إلا هو, فالذي انفرد بإعطائكم ما تحبون, وصرف ما تكرهون, هو الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده, ولكن كثيراً من الناس يظلمون أنفسهم, ويحمدون نعمة الله عليهم إذا نجاهم من الشدة. فإذا صاروا في حال الرخاء أشركوا به بعض مخلوقاته الفقيرة.
* ( ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم) من غير زيادة ولا نقص (ما ترك على ظهرها من دابة ) أي لأهلك المباشرين للمعصية وغيرهم من أنواع الدواب والحيوانات فإن شؤم المعاصي يهلك به الحرث والنسل, ( ولكن يؤخرهم ) عن تعجيل العقوبة عليهم إلى أجل مسمى, وهو يوم القيامة, (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) فليحذروا, ما داموا في وقت الإمهال, قبل أن يجيء الوقت الذي لا إمهال فيه.
* أي: (إن لكم في الأنعام) التي سخرها الله لمنافعكم (لعبرة) تستدلون بها على كمال قدرة الله وسعة إحسانه, حيث أسقاكم من بطونها المشتملة على الفرث والدم فأخرج من بين ذلك لبناً خالصاً من الكدر سائغاً للشاربين للذته, ولأنه يسقي ويغذي. فهل هذه إلا قدرة إلهية, لا أمور طبيعية, فأي شيء في الطبيعة يقلب العلف الذي تأكله البهيمة, والشرب الذي تشربه من الماء العذب والمالح لبنا خالصاً سائغاً للشاربين.
ــــــــــــــــ(41)
* ( وبنعمة الله هم يكفرون ) يجحدونها, ويستعينون بها على معاصي الله والكفر به. هل هذ إلا من أظلم الظلم, وأفجر الفجور, وأسفه السفه ؟!!
* ليس بعاقل من آثر الفاني الخسيس على الباقي النفيس.
* الحث والترغيب على الزهد في الدنيا, خصوصاً الزهد المتعين, وهو الزهد فيما يكون ضرراً على العبد, ويوجب له الاشتغال عما أوجب الله عليه, وتقديمه على حق الله, فإن هذا الزهد واجب.
* من الدواعي للزهد, أن يقابل العبد لذات الدنيا وشهواتها بخيرات الآخرة, فإنه يجد من الفرق والتفاوت ما يدعوه إلى إيثار أعلى الأمرين.

* ليس الزهد الممدوح هو الانقطاع للعبادات القاصرة, كالصلاة والصيام والذكر ونحوها, بل لا يكون العبد زاهداً زهداً صحيحاً حتى يقوم بما يقدر عليه من الأوامر الشرعية الظاهرة والباطنة, ومن الدعوة إلى الله وإلى دينه بالقول والفعل.
* كتاب الله...أشرف الكتب وأجلها, وفيه صلاح القلوب والعلوم الكثيرة.
* يدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه شر الشيطان, ولا يبقى له عليهم سبيل.
* ( وهدى وبشرى للمسلمين ) أي: يهديهم إلى حقائق الأشياء, ويبين لهم الحق من الباطل, والهدى من الضلال.
* الكاذب يكذب, ولا يفكر فيما يؤول إليه كذبه, فيكون في قوله من التناقض والفساد ما يوجب رده, بمجرد تصوره.
* ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة ) أي: كل أحد على حسب حاله, وفهمه, وقبوله, وانقياده. ومن الحكمة, الدعوة بالعلم لا بالجهل, والبدأة بالأهم فالأهم, وبالأقرب إلى الأذهان والفهم, وبما يكون قبوله أتم, وبالرفق واللين.
ـــــــــــــــ(42)
* ( ولا تحزن عليهم ) إذا دعوتهم فلم تر منهم قبولا لدعوتك, فإن الحزن لا يجدي عليك شيئاً.
* الله مع المتقين المحسنين, بعونه, وتوفيقه, وتسديده, وهم الذين اتقوا الكفر والمعاصي, وأحسنوا في عبادة الله, بأن عبدوا الله, كأنهم يرونه, فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم, والإحسان إلى الخلق ببذل النفع لهم من كل وجه.
سورة الإسراء:
* من جهل الإنسان وعجلته, حيث يدعو على نفسه وأولاده بالشر عند الغضب, ويبادر بذلك الدعاء, كما يبادر بالدعاء في الخير, ولكن الله من لطفه يستجيب له في الخير, ولا يستجيب له في الشر.
* من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه, تربية صالحة غير الأبوين, فإن له على من رباه حق التربية.
* الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة, فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك, فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير.
* من لطف الله تعالى بالعباد: أمرهم بانتظار الرحمة والرزق منه, لأن انتظار ذلك عبادة, وكذلك وعدُهُم بالصدقة والمعروف عند التيسير عبادة حاضرة, لأن الهم بفعل الحسنة حسنة. فينبغي للإنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير, وينوي فعل ما لم يقدر عليه ليثاب على ذلك, ولعل الله ييسر له بسبب رجائه.
* النهي عن قربان الزنا أبلغ من التهي عن مجرد فعله, لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه, فإن " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " خصوصاً هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه.
ــــــــــــــــ(43)
* من لطفه ورحمته تعالى باليتيم الذي فقد والده وهو صغير, غير عارف بمصلحة نفسه ولا قائم بها, أن أمر أولياءه بحفظه, وحفظ ماله وإصلاحه, وأن لا يقربوه ( إلا بالتي هي أحسن ) من التجارة فيه, وعدم تعريضه للأخطار, والحرص على تنميته.
* تثبّت في كل ما تقوله وتفعله, فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسئول عما قاله وفعله, وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته, أن يُعدّ للسؤال جواباً, وذلك لا يكون إلا باستعمالها بعبودية الله وإخلاص الدين له, وكفها عما يكرهه الله تعالى.
* ( ولا تمشِ في الأرض مرحاً ) أي: كبراً وتيهاً وبطراً, متكبراً على الحق, ومتعاظماً في تكبرك على الخلق. (إنك ) في فعلك ذلك ( لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً) بل تكون حقيراً عند الله, ومحتقراً عند الخلق, مبغوضاً ممقوتاً, قد اكتسبت شر الأخلاق, واكتسبت بأرذلها من غير إدراك لبعض ما تروم.
* القول الحسن داع لكل خلق جميل, وعمل صالح, فإن من ملك لسانه, ملك جميع أمره.
* علامة المحبة, ما ذكره الله, أن يجتهد العبد في كل محل يقربه إلى الله وينافس في قربه, بإخلاص الأعمال كلها لله, والنصح فيها, وإيقاعها في أكمل الوجوه المقدور عليها. فمن زعم أنه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب.
* كل راكب وماش في معصية الله, فهو من خيل الشيطان ورجله.
* الإنسان كفور للنعم إلا من هدى الله فمنَّ عليه بالعقل السليم, واهتدى إلى الصراط المستقيم.
ـــــــــــــــــــــ(44)
* من هداه الله فإنه عند النعم يخضع لربه, ويشكر نعمته, وعند الضراء يتضرع ويرجو من الله عافيته, وإزالة ما يقع فيه, وبذلك يخف عليه البلاء.
سورة الكهف:
* في هذه الآية ونخوها عبرة, فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله عليه التبليغ, والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية, وسدّ طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه, مع التوكل على الله في ذلك, فإن اهتدوا فبِهَا ونِعمت, وإلا فلا يحزن ولا يأسف. فإن ذلك مُضعف للنفس, هادم للقوى, ليس فيه فائدة, بل يمضي على فعله, الذي كُلِّف به وتوجه إليه, وما عدا ذلك فهو خارج عن قدرته.
* لم يزل الله يُرى عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم, ما يتبين به الحق من الباطل, والهدي من الضلال.
* من رحمته بمن طلب الحقيقة في الأمور المطلوب علمها, وسعى لذلك ما أمكنه, فإن الله يوضح له ذلك.
* من فرَّ بدينه من الفتن سلمه الله منها, وأن من حرص على العافية عافاه الله, ومن أوى إلى الله آواه الله, وجعله هداية لغيره, ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته, كان آخر أمره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب.
* المماراة المبنية على الجهل والرجم بالغيب, أو التي لا فائدة فيها, إما أن يكون الخصم معانداً, أو تكون المسألة لا أهمية فيها, ولا تحصل فائدة دينية بمعرفتها,...فإن كثرة المناقشات فيها,...تضيعاً للزمان, وتأثيراً في مودة القلب بغير فائدة.
* فيها الأمر بصحبة الأخيار ومجاهدة النفس على مصاحبتهم, ومخالطتهم وإن كانوا فقراء, فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يحصى.
ــــــــــــــــــــــ(45)
* في الآية: استحباب الذكر والدعاء والعبادة طرفي النهار, لأن الله مدحهم بفعله.
* كل فعل مدح الله فاعله, دلّ ذلك على أن الله يحبه, وإذا كان يحبه فإنه يأمر به, ويرغب فيه.
* الغالب أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه, ويوسعها على أعدائه, الذين ليس في الآخرة نصيب.
* فضل الله لا تحيط به الأوهام والعقول, ولا ينكره إلا ظالم جهول.
* من كان مؤمناً به, تقياً, كان له ولياً, فأكرمه بأنواع الكرامات, ودفع عنه الشرور والمثلات.
* في هذه القصة العظيمة, اعتبار بحال الذي أنعم الله عليه نعماً دنيوية فألهته عن آخرته وأطغته, وعصى الله فيها, أن مآلها الانقطاع والاضمحلال, وأنه وإن تمتع بها قليلاً فإنه يحرمها طويلا.
* العبد ينبغي له إذا أعجبه شيء من ماله أو ولده أن يضيف النعمة إلى موليها ومسديها, وأن يقول: " ما شاء الله, لا قوة إلا بالله " ليكون شاكراً, متسبباً لبقاء نعمته عليه. لقوله: ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله )
* فيه الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه, خصوصاً إن فضّل نفسه بسببه على المؤمنين, وفخر عليهم.
* العاقل الجازم الموفق,...يقول لنفسه: " قدّري أنك قد مِتِّ, ولا بد أن تموت, فأي الحالتين تختارين ؟ الاغترار بزخرف هذه الدار, والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة أم العمل لدار أكلها دائم وظلها ظليل, وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ العيون ؟ " فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه, وربحه من خسرانه.
ـــــــــــــــــــ(46)
* أي ظلم أعظم من ظلم من اتخذ عدوه الحقيقي ولياً, وترك الولي الحميد ؟!!
* في هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه أن يحال بينه وبينه, ولا يتمكن منه بعد ذلك, ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك.
* وهذه سنته في الأولين والآخرين أن لا يعاجلهم بالعقاب, بل يستدعيهم إلى التوبة والإنابة, فإن تابوا وأنابوا غفر لهم ورحمهم, وأزال عنهم العقاب, فإن استمروا على ظلمهم وعنادهم, وجاء الوقت الذي جعله موعداً لهم أنزل بهم بأسه.
* في هذه القصة العجيبة الجليلة...فوائد فمنها: فضيلة العلم, والرحلة في طلبه, وأنه أهم الأمور فإن موسى عليه السلام رحل مسافه طويلة, ولقي النصب في طلبه, وترك القعود عند بني إسرائيل لتعليمهم وإرشادهم, واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.
* استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله, وأكلهما جميعاً.
* التأدب مع المعلم, وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب, لقول موسى عليه السلام: ( هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشداً ) فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة, وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا ؟ وإقراره بأنه يتعلم منه.
* تعلم العالم الفاضل, للعالم الذي لم يتمهر فيه, ممن مهر فيه, وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
* العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير, فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطريق الخير, وتحذير عن طريق الشر, أو وسيلة لذلك فإنه من العلم النافع, وما سوى ذلك فإما أن يكون ضاراً, أو ليس فيه فائدة.
* من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم, وحسن الثبات على ذلك, أنه ليس بأهل لتلقي العلم.
ــــــــــــــــــ(47)
* تعليق الأمور المستقبلة التي من أفعال العباد بالمشيئة, وأن لا يقول الإنسان للشيء: " إني فاعل ذلك في المستقبل ", إلا أن يقول: " إن شاء الله."
* العبد الصالح يحفظه الله في نفسه, وفي ذريته.
* حال الخلفاء الصالحين إذا منَّ الله عليهم بالنعم الجليلة ازداد شكرهم, وإقرارهم, واعترافهم بنعمة الله, كما قال سليمان عليه السلام, لما حضر عنده عرش ملكة سبأ, مع البعد العظيم, قال: ( هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ) بخلاف أهل التجبر والتكبر, والعلو في الأرض فإن النعم الكبار تزيدهم أشراً وبطراً, كما قال قارون لما أتاه الله من الكنوز ما أن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة, قال: ( إنما أوتيته على علم عندي )
* المبغض لا يستطيع أن يلقى سمعه إلى كلام من أبغضه.
* جنة الفردوس نُزُل وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح, وأي ضيافة أجل وأكبر وأعظم من هذه الضيافة, المحتوية على نعيم للقلوب والأرواح والأبدان,...فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علماً حقيقياً يصل إلى قلوبهم لطارت إليها قلوبهم بالأشواق, ولتقطعت أرواحهم من ألم الفراق, ولساروا إليها زرافات ووحداناً, ولم يؤثروا عليها دنيا فانية, ولذات منغصة متلاشية,....لكن العفلة شملت, والإيمان ضعف, والعلم قلّ, والإرادة وهت, فكان ما كان, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
سورة مريم:
* ( ذكر رحمت ربك عبده زكريا * إذا نادى ربهُ نداءً خفياً ) ناداه نداء خفياً ليكون أكمل وأفضل, وأتم إخلاصاً.
* الشيب دليل الضعف والكبر, ورسول الموت, ورائده ونذيره.
ــــــــــــــــ(48)
* ( قال ربِ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ) توسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه, وهذا من أحب الوسائل إلى الله, لأنه يدل التّبرّي من الحول والقوة, وتعلق القلب بحول الله وقوته.
* من رحمة الله بعبده أن يرزقه ولداً صالحاً, جامعاً لمكارم الأخلاق, ومحامد الشيم.
* ( قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ) وهذا من الآيات العجيبة, فإن منعه من الكلام مدة ثلاثة أيام, وعجزه عنه من غير خرس, ولا آفة, بل كان سوياً لا نقص فيه, من الأدلة على قدرة الله الخارقة للعوائد.
* الأسباب جميعها لا تسقل بالتأثير, وإنما تأثيرها بتقدير الله, فيرى عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية, لئلا يقفوا مع الأسباب, ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها.
* الذرية في الغالب, بعضها من بعض, في الصلاح وضده.
* ( وجعلني مباركاً أينما كنت ) أي: في أي مكان, وأي زمان, فالبركة جعلها الله في تعليم الخير والدعوة إليه, والنهي عن الشر, والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله, فكل من جالسه أو اجتمع به نالته بركته, وسعد به مصاحبة.
* ( من مشهد يوم عظيم ) أي: مشهد يوم القيامة, الذي يشهده الأولون والآخرون, أهل السموات وأهل الأرض, الخالق والمخلوق, الممتلئ بالزلازل والأهوال.
* يوم الحسرة...يجمع الأولون والآخرون في موقف واحد, ويسألون عن أعمالهم, فمن آمن بالله, واتبع رسله سعد سعادة لا يشقي بعدها, ومن لم يؤمن بالله, ويتبع رسله شقي شقاء لا يسعد بعده, وخسر نفسه وأهله. فحينئذ يتحسر, ويندم ندامة تنقطع منها القلوب, وتتصدع منها الأفئدة.
ــــــــــــــــــــ(49)
* أي حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته, واستحقاق سخطه والنار, على وجه لا يتمكن الرجوع ليستأنف العمل ولا سبيل له إلى تغير حاله بالعود إلى الدنيا ؟..والحال أنهم في الدنيا في غفلة عن هذا الأمر العظيم لا يخطر بقلوبهم, ولو خطر فعلى سبيل الغفلة, قد عمتهم الغفلة وشملتهم السكرة, فهم لا يؤمنون بالله ولا يتبعون رسله.
* الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها ستذهب عن أهلها, ويذهبون عنها, وسيرث الأرض ومن عليها ويرجعهم إليه, فيجازيهم بما عملوا فيها, وما خسروا فيها أو ربحوا فمن عمل خيراً فليحمد الله, ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ نفسه.
* ( يا أبت لا تعبد الشيطان ) لأن من عبد غير الله, فقد عبد الشيطان, كما قال تعالى: ( ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين )
* ( إن الشيطان كان للرحمن عصياً ) في ذكر إضافة العصيان إلى اسم الرحمن, إشارة إلى أن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله, وتغلق أبوابها. كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته.
* قد أمرنا الله باتباع ملة إبراهيم, فمن اتباع ملته سلوك طريقه في الدعوة إلى الله, بطريق العلم والحكمة, واللين والسهولة, والانتقال من رتبة إلى رتبة, والصبر على ذلك, وعدم السآمة منه, والصبر على ما ينال الداعي من أذى الخلق بالقول والفعل, ومقابلة ذلك بالصفح والعفو, بل بالإحسان القولي والفعلي.
* ( خروا سجداً وبكياً ) أي: خضعوا لآيات الله, وخشعوا لها, وأثرت في قلوبهم من الإيمان والرغبة والرهبة ما أوجب لهم البكاء والإنابة.
* إذا ضيعوا الصلاة التي عماد الدين, وميزان الإيمان والإخلاص لرب العالمين, التي هي آكد الأعمال, وأفضل الخصال, كانوا لما سواها من دينهم أضيع, وله أرفض.
ـــــــــــــــ(50)

* في الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشهيات, كما قال تعالى: ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ) إلى أن قال: ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )
* ( ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً ) أي: جاثين على ركبهم من شدة الأهوال, وكثرة الزلزال, وفظاعة الأحوال, منتظرين لحكم الكبير المتعال.
* من كان في الضلالة بأن رضيها لنفسه, وسعى فيها, فإن الله يمده منها, ويزيده فيها حباً, عقوبة له على اختيارها على الهدى, قال تعالى: ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) , ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون )
* كل من سلك طريقاً في العلم والإيمان, والعمل الصالح, زاده الله منه وسهله عليه, ويسره له, ووهب له أموراً أخر لا تدخل تحت كسبه. وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصه, كما قاله السلف الصالح.
* من نعمه على عباده الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح, أن يجعل لهم وداً, أي: محبة و وداداً في قلوب أوليائه, وأهل السماء والأرض.

سورة طه:
* ( له الأسماء الحسنى ) أي: له الأسماء الكثيرة الكاملة الحسنى, من حسنها: أنها كلها أسماء دالة على المدح, فليس فيها اسم لا يدل على المدح والحمد, ومن حسنها: أنها ليست أعلاماً محضة, وإنما هي صفات وأوصاف, ومن حسنها: أنها دالة على الصفات الكاملة, وأن له من كل صفة أكملها, وأعمها, وأجلها, ومن حسنها: أنه أمر العباد أن يدعوه بها, لأنها وسيلة مقربه إليه, يحبها, ويحب من يحفظها, ويحب من يبحث عن معانيها ويتعبد له بها, قال تعالى: ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )
ـــــــــــــــــ(51)
* ( فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ) ( فاعبدني ) بجميع أنواع العبادة, ظاهرها وباطنها, أصولها وفروعها, ثم خصّ الصلاة بالذكر وإن كانت داخلة في العبادة لفضلها وشرفها, وتضمنها عبودية القلب واللسان والجوارح.
* ذكره تعالى أجل المقاصد, وبه عبودية القلب, وبه سعادته, فالقلب المعطل عن ذكر الله معطل عن كل خير, وقد خرب كل الخراب.
* ( ربِّ اشرح لي صدري ) أي: وسعه وأفسحه, لأتحمل الأذى القولي والفعلي, ولا يتكدر قلبي بذلك, ولا يضيق صدري, فإن الصدر إذا ضاق لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم. قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) وعسى الخلق يقبلون الحق مع اللين, وسعة الصدر وانشراحه عليهم.
* ( ويسّر لي أمري ) أي: سهل عليَّ كل أمر أسلكه, وكل طريق أقصده في سبيلك, وهوّن عليَّ ما أمامي من الشدائد. ومن تيسير الأمر أن ييسر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها, ويخاطب كل أحد بما يناسب له, ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبوله.
* الداعي إلى الله, المرشد للخلق,...يحتاج إلى...لسان فصيح, يتمكن من التعبير عن ما يريده ويقصده, بل الفصاحة والبلاغة لصاحب هذا المقام من ألزم ما يكون, لكثرة المراجعات والمراوضات, ولحاجته لتحسين الحق وتزينه بما يقدر عليه, ليحببه إلى النفوس, وإلى تقبيح الباطل وتهجينه, لينفر عنه.
* ( ولا تنيا في ذكري ) أي: لا تفترا ولا تكسلا عن مداومة ذكري بالاستمرار عليه...فإن ذكر الله فيه معونة على جميع الأمور, يسهلها, ويخفف حملها.
ــــــــــــــــــــ(52)
* كلام الحق لا بد أن يؤثر في القلوب.
* ( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) في هذا الكلام من السحرة, دليل على أنه ينبغي للعاقل أن يوازن بين لذات الدنيا ولذات الآخرة, وبين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
* أمره تعالى أن يسأله زيادة العلم...فإن العلم خير, وكثرة الخير مطلوبة, وهي من الله, والطريق إليها: الاجتهاد, والشوق للعلم, وسؤال الله, والاستعانة به, والافتقار إليه في كل وقت.
* المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر, حتى يفرغ المملي والمعلم من كلامه, المتصل بعضه ببعض, فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال, ولا يبادر إلى السؤال وقطع كلام مُلقى العلم فإنه سبب للحرمان.
* المسئول ينبغي له أن يستملي سؤال السائل, ويعرف المقصود منه قبل الجواب, فإن ذلك من سبب لإصابة الصواب.
* فسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر...وبعض المفسرين يرى أن المعيشة الضنك عامة في دار الدنيا, بما يصيب المعرض عن ذكر ربه, من الهموم والغموم والآلام التي عذاب معجل, وفي دار البرزخ, وفي دار الآخرة, لإطلاق المعيشة الضنك, وعدم تقيدها.
* ( ولعذاب الأخرة أشد ) من عذاب الدنيا أضعاف مضاعفة, ( وأبقى ) لكونه لا ينقطع, بخلاف عذاب الدنيا فإنه منقطع, فالواجب الخوف والحذر من عذاب الآخرة
* العبد إذا رأى من نفسه طموحاً إلى زينة الدنيا وإقبالاً عليها, أن يذكر ما أمامها من رزق ربه, وأن يوازن بين هذا وهذا.
ـــــــــــــــــــــ(53)
* العبد إذا أقام صلاته على الوجه المأمور به, كان لما سواها من دينه أحفظ وأقوم.
* ينبغي الاهتمام بما يجلب السعادة الأبدية, وهو التقوى.
سورة الأنبياء:
* تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهي عن سؤال المعروف بالجهل, وعدم العلم, ونهي له أن يتصدى لذلك.
* لا شيء أعظم بركة من هذا القرآن, فإن كل خير ونعمة وزيادة دينية أو دنيوية, أو أخروية, فإنها بسببه, وأثر من العمل به.
* تأمل هذا الاحتراز العجيب, فإن كل ممقوت عند الله, لا يطلق عليه ألفاظ التعظيم, إلا على وجه إضافته لأصحابه, كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كتب إلى ملوك الأرض المشركين يقول: " إلى عظيم الفرس ", " إلى عظيم الروم " ونحو ذلك, ولم يقل: " إلى العظيم " وهنا قال تعالى: ( إلا كبيراً لهم ) ولم يقل: " كبيراً من أصنامهم " فهذا ينبغي التنبه له, والاحتراز من تعظيم ما حقره الله, إلا إذا أضيف إلى من عظمه.
* من بركة الشام, أن كثيراً من الأنبياء كانوا فيها, وأن الله اختارها مهاجراً لخليله, وفيها أحد البيوت الثلاثة المقدسة, وهو بيت المقدس.
* من أكبر نعم الله على عبده أن يكون إماماً يهتدى به المهتدون, ويمشى خلفه السالكون.
* ( وكانوا لنا ) أي: لا لغيرنا, ( عابدين ) أي: مديمين على العبادات القلبية والقولية والبدنية في أكثر أوقاتهم, فاستحقوا أن تكون العبادة وصفهم.
* الصلاح هو السبب لدخول العبد برحمه الله, كما أن الفساد سبب لحرمانه الخير.
ـــــــــــــــــ(54)
* ( رحمة من عندنا ) به, حيث صبر ورضي, فأثابه الله ثواباً عاجلاً قبل ثواب الآخرة, ( وذكرى للعابدين ) أي: جعلناه عبرة للعابدين, الذين ينتفعون بالصبر, فإذا رأوا ما أصاب أيوب عليه السلام من البلاء, ثم ما أثابه الله بعد زواله, ونظروا السب وجدوه الصبر.
* ( وكذلك ننجي المؤمنين ) وهذا وعد وبشارة لكل مؤمن وقع في شدة وغم أن الله تعالى سينجيه منها, ويكشف عنه ويخفف لإيمانه, كما فعل بـ " يونس " عليه السلام.
* من فوائد الجليس الصالح والقرين الصالح أنه مبارك على قرينه.
سورة الحج:
* من آيات الله العجيبة, أنك لا تجد داعياً من دعاة الكفر والضلال إلا وله من المقت بين العالمين, واللعنة, والبغض, والذم, ما هو حقيق به, وكُلّ بحسب حاله.
* المخبت: الخاضع لربه, المستسلم لأمره, المتواضع لعباده.
* العبادات إن لم يقترن بها الإخلاص, وتقوى الله, كانت كالقشر الذي لا لُبَّ فيه, والجسد الذي لا روح فيه.
* بشارة من الله للذين آمنوا, أن الله يدفع عنهم كل مكروه, ويدفع عنهم بسبب إيمانهم كل شر من شرور الكفار, وشرور وسوسة الشيطان, وشرور أنفسهم, وسيئات أعمالهم, ويحمل عنهم عند نزول المكاره ما لا يتحملوه فيخفف عنهم غاية التخفيف كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة, بحسب إيمانه, فمستقل ومستكثر.
* لولا دفع الناس بعضهم ببعض, لاستولى الكفار على المسلمين, فخربوا معابدهم, وفتنوهم عن دينهم, فدل هذا على أن الجهاد مشروع لأجل دفع الصائل والمؤذي ومقصود لغيره.
ـــــــــــــــ(55)
* البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله, وعمرت مساجدها, وأقيمت فيها شعائر الدين كلها, من فضائل المجاهدين وبركتهم, فبذلك دفع الله عنها الكافرين
* ( ولله عاقبة الأمور) أي: جميع الأمور, ترجع إلى الله, وقد أخبر أن العاقبة للتقوى. فمن سلطه أي: على العباد من الملوك, وقام بأمر الله, كانت له العاقبة الحميدة والحالة الرشيدة, ومن تسلط عليهم بالجبروت, وأقام فيهم هوى نفسه. فإنه وإن حصل له ملك مؤقت, فإن عاقبته غير حميدة, فولايته مشئومة وعاقبته مذمومة.
* العمى الضار في الدين, عمى القلب عن الحق, حتى لا يشاهده, كما لا يشاهد الأعمى المرئيات.
* الله يمهل المدد الطويلة ولا يهمل, حتى إذا أخذ الظالمين بعذابه لم يفلتهم...فليحذر هؤلاء الظالمون, من حلول عقاب الله, ولا يغتروا بالإمهال.
* الله حكيم يقيض بعض أنواع الابتلاء ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة
* ( إن الله لطيف خبير) اللطيف...الذي يسوق إلى عباده الخير, ويدفع عنهم الشر, بطرق لطيفة تخفى على العباد...خبير بسرائر الأمور وخبايا الصدور وخفايا الأمور.
* لا ينبغي أن يثنيك عن الدعوة شيء لأنك (على هدى مستقيم) أي معتدل موصل للمقصود, متضمن علم الحق والعمل به. فأنت على ثقة من أمرك, ويقين من دينك, فيوجب ذلك لك الصلابة والمضي لما أمرك به ربك, ولست على أمر مشكوك فيه, أو حديث مفترى, فتقف مع الناس ومع أهوائهم وآرائهم, ويوقفك اعتراضهم.
* يأمر تعالى عباده المؤمنين بالصلاة...وعبادته...قرة العيون, وسلوة القلب المحزون.
* لا طريق للفلاح سوى الإخلاص في عبادة الخالق, والسعي في نفع عبيده, فمن وفق لذلك فله القدح المُعلى من السعادة, والنجاح والفلاح.
ــــــــــــــــــ(56)
* الجهاد في الله حق جهاده, هو القيام التام بأمر الله, ودعوة الخلق إلى سبيله بكل طريق موصل إلى ذلك, من نصيحة وتعليم وقتال وأدب وزجر ووعظ, وغير ذلك.
سورة المؤمنون:
* الخشوع في الصلاة هو: حضور القلب بين يدى الله تعالى, مستحضراً لقربه, فيسكن لذلك قلبه, وتطمئن نفسه, وتسكن حركاته ويقل التفاته, متأدباً بين يدي ربه, مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته, من أول صلاته إلى آخرها, فتنتفى بذلك الوساوس والأفكار الرديئة, وهذا روح الصلاة, والمقصود منها.
* ( والذين هم لفروجهم حافظون ) عن الزنا, ومن تمام حفظها تجنُّبُ ما يدعو إلى ذلك كالنظر واللمس ونحوهما.
* من يداوم على الصلاة من غير خشوع, أو على الخشوع من دون محافظة عليها, فإنه مذموم ناقص.
* ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) أي: إذا أساء إليك أعداؤك بالقول والفعل, فلا تقابلهم بالإساءة, مع أنه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته, ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم, فإن ذلك فضل منك على المسيء, ومن مصالح ذلك: أنه تخف الإساءة عنك في الحال وفي المستقبل, وأنه أدعى لجلب المسيء إلى الحق, وأقرب إلى ندمه وأسفه, ورجوعه بالتوبة عما فعل, ويتصف العافي بصفة الإحسان, ويقهر بذلك عدوه الشيطان, ويستوجب الثواب من الرب, قال تعالى: ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله) وقال تعالى: ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها ) أي: ما يوفق لهذا الخلق الجميل ( إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )
ــــــــــــــــــ(57)
* ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ ارجعون ) يخبر تعالى عن حال من حضره الموتى من المفرطين الظالمين, أنه يندم في تلك الحال, إذا رأى مآله, وشاهد قبيح أعماله, فيطلب الرجعة إلى الدنيا, لا للتمتع بلذاتها واقتطاف شهواتها, وإنما ذلك ليقول: ( لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ) من العمل, وفرطت في جنب الله. ( كلا ) أي: لا رجعة له ولا إمهال, قد قضى الله أنهم لا يرجعون.
* ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) أي: من أمامهم وبين أيديهم برزخ, وهو الحاجز بين الشيئين, فهو هنا: الحاجز بين الدنيا والآخرة, وفي هذا البرزخ, يتنعم المطيعون, ويعذب العاصون, من ابتداء موتهم واستقرارهم في قبورهم, إلى يوم يبعثون. أي: فليُعدوا له عُدّته, وليأخذوا له أُهبتهُ.
سورة النور:
* ( وهو عند الله عظيم ) وهذا فيه الزجر البليغ, عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها, فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئاً, ولا يخفف من عقوبة الذنب, بل يضاعف الذنب, ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى.
* الإيمان الصادق يمنع صاحبه من الإقدام على المحرمات.
* ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) أي: موجع للقلب والبدن,...فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة, واستحلاء ذلك بالقلب, فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله ؟!!
* سمى الاستئذان استئناساً, لأن به يحصل الاستئناس, وبعدمه تحصل الوحشة.
* ( يغضوا من أبصارهم ) عن النظر إلى العورات, وإلى النساء الأجنبيات, وإلى المردان, الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة, وإلى زينة الدنيا التي تفتن, وتوقع في المحظور
ــــــــــــــــ(58)
* من حفظ فرجه وبصره, طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش, وزكت أعماله, بسب ترك المحرم,...فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه, ومن غض بصره أنار الله بصيرته.
* العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته, مع دواعي الشهوة, كان حفظه لغيره أبلغ, ولهذا سماه الله حفظاً.
* البصر والفرج إن لم يجتهد العبد في حفظهما, أوقعاه في بلايا ومحن.
* ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) وهذا لكمال الاستتار, ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها يدخل فيها جميع البدن.
* لا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة, وهي الرجوع مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً.
* ( وتوبوا إلى الله ) أي: لا لمقصد غير وجهه, من سلامة من آفات الدنيا, أو رياء, وسمعة, أو نحو ذلك, من المقاصد الفاسدة.
* فيه حث على التزوج, ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر.
* ( حتى يغنيهم الله من فضله ) وعد للمستعفف أن الله سيغنيه, ويسر له أمره, وأمر له بانتظار الفرج, لئلا يشق عليه ما هو فيه.
* نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد.
* البصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها, والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة, بمنزلة نظر البهائم.
* الفلاح : الفوز بالمطلوب, والنجاة من المرهوب, ولا يفلح إلا من حكّم الله ورسوله, وأطاع الله ورسوله.
ـــــــــــــــــــ(59)
* السيد, وولي الصغير, مخاطبان بتعليم عبيدهم, ومن تحت ولايتهم من الأولاد العلوم والآداب الشرعية, لأن الله وجه الخطاب إليهم, بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم ) الآية, فلا يمكن ذلك إلا بالتعليم والتأديب.
* ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهما, ممن يتكلم في مسائل العلم الشرعي, أن يقرن بالحكم بيان مأخذه ووجهه, ولا يلقيه مجرداً من الدليل والتعليل.
* الزينة على الأنثى ولو مع تسترها, ولو كانت لا تشتهى, يُفتنُ فيها, ويوقع الناظر إليها في حرج. ( وأن يستعففن خير لهن )
* الاستعفاف: طلب العفة, بفعل الأسباب المقتضية لذلك, من تزوج, وتركٍ لما يُخشى منه الفتنة.
* ( لعلكم تعقلون ) معرفة أحكامه الشرعية على وجهها يزيد في العقل, وينمو به اللب, لكون معانيها أجل المعاني, وآدابها أجل الآداب, ولأن الجزاء من جنس العمل, فكما استعمل عقله للعقل عن ربه, وللتفكر في آياته, التي دعاه إليها, زاده من ذلك.
سورة الفرقان:
* ( وكان الشيطان للإنسان خذولاً ) يزين له الباطل, ويقبح له الحق, ويعده الأماني, ثم يتحلى عنه, ويتبرأ منه.
* لينظر العبد لنفسه وقت الإمكان, وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن, وليُول من ولايته فيها سعادته, وليُعاد من تنفعه عداوته, وتضره صداقته, والله الموفق.
* المتكلم في العالم من محدث ومعلم وواعظ...كلما حدث موجب أو حصل موسم, أتى بما يناسب ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمواعظ الموافقة لذلك
ـــــــــــــــــــــــ(60)
* ( يمشون على الأرض هوناً ) أي: ساكنين متواضعين لله, وللخلق, فهذا وصف لهم بالوقار, والسكينة, والتواضع لله, ولعباده.
* ( وإذا خاطبهم الجاهلون ) أي: خطاب جهل, ( قالوا سلاماً ) أي: خاطبوهم خطاباً يسلمون فيه من الإثم, ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله, وهذا مدح لهم بالحلم الكثير, ومقابلة المسيء بالإحسان, والعفو عن الجاهل, ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال.
* (والذين يبتون لربهم سجداً وقياماً) أي يكثرون من صلاة الليل, مخلصين فيها لربهم
* نص تعالى على هذه الثلاثة, لأنها أكبر الكبائر, فالشرك فيه فساد الأديان, والقتل فيه فساد الأديان, والزنا فيه فساد الأعراض.
* ( والذين لا يشهدون الزور ) أي: لا يحضرون الزور, أي: القول والفعل المحرم, فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة, أو الأفعال المحرمة, كالخوض في آيات الله, والجدال بالباطل, والغيبة, والنميمة, والسب, والقذف, والاستهزاء, والغناء المحرم, وشرب الخمر, وفرش الحرير, والصور, ونحو ذلك, وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه, وشهادة الزور داخلة في قول الزور, تدخل في هذه الآية بالأولوية.
* ( وإذا مروا باللغو ) وهو الكلام الذي لا خير فيه, ولا فيه فائدة دينية, ولا دنيوية ككلام السفهاء, ونحوهم ( مروا كراماً) أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه, فإنه سفه...فربأوا بأنفسهم عنه, وفي قوله: ( وإذا مروا باللغو ) إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره, ولا سماعه, ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.
ـــــــــــــــــــــ(61)
* ( والذين يقولون هب لنا من أزوجنا ) أي: قرنائنا من: أصحاب وأقران وزوجات. ( وذرياتنا قرة أعين ) أي: تقرُّ بهم أعيننا, وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم, عرفنا من هممهم, وعلو مرتبتهم, أن دعاءهم لذرياتهم في صلاحهم, فإنه دعاء لأنفسهم, لأنه نفعه يعود عليهم, ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم, فقالوا: ( هب لنا ) بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين, لأن صلاح من ذكر, يكون سبباً لصلاح كثير ممن يتعلق بهم, وينتفع بهم.
* ( واجعلنا للمتقين إماماً ) أي: أوصلنا يا ربنا إلى هذه الدرجة العالية, درجة الصديقين, والكمل من عباد الله الصالحين, وهي درجة الإمامة في الدين, وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم وأفعالهم, يقتدى بأفعالهم ويطمئن لأقوالهم, ويسير أهل الخير خلفهم, فيهدون, ويهتدون.
* درجة الإمامة في الدين لا تتم إلا بالصبر واليقين, كما قال تعالى: ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )
سورة الشعراء:
* القلب السليم, معناه: الذي سلم من الشرك, والشك, ومحبة الشر, والإصرار على البدعة والذنوب, ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه بأضدادها, من الإخلاص, والعلم, واليقين, ومحبة الخير, وتزيينه في قلبه, وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله, وهواه تابعاً لما جاء به.
* ( فأخذهم عذاب يوم الظلة ) أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين لظلها غير الظليل, فأحرقهم بالعذاب, فظلوا تحتها خامدين, ولديارهم مفارقين, وبدار الشقاء والعذاب نازلين.
ـــــــــــــــــــ(62)
* هل يليق بمؤمن بالله, ورسوله, ويدعي اتباعه, والاقتداء به, أن يكون كلاًّ على المسلمين شرس الأخلاق شديد الشكيمة عليهم, غليظ القلب, فظ القول, فظيعه ؟ وإن رأى منهم معصية, أو سوء أدب, هجرهم, ومقتهم, وأبغضهم, لا لين عنده, ولا أدب لديه, ولا توفيق, قد حصل من هذه المعاملة من المفاسد, وتعطيل المصالح ما حصل...فهل يُعدُّ هذا إلا من جهله, وتزيين الشيطان, وخدعه له.
* أعظم مساعد للعبد على القيام بما أمر به, الاعتماد على ربه, والاستعانة بمولاه, على توفيقه للقيام بالمأمور, فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه, فقال: ( وتوكل على العزيز الرحيم )
* التوكل هو: اعتماد القلب على الله تعالى, في جلب المنافع, ودفع المضار, مع ثقته به, وحسن ظنه بحصول مطلوبه, فإنه عزيز رحيم, بعزته يقدر على إيصال الخير, ودفع الشر عن عبده, وبرحمته به يفعل ذلك.
* الصلاة....من استحضر فيها قرب ربه, خشع وذل, وأكملها, وبتكميلها يكمل سائر عمله, ويستعين بها على جميع أموره.
* استحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله, وسمعه لكل ما ينطق به, وعلمه بما ينطوي عليه قلبه من الهم والعزم والنيات, يعينه على مرتبة الإحسان.
سورة النمل:
* ( وهم بالأخرة يوقنون ) يقينهم بالآخرة يقتضي كمال سعيهم لها, وحذرهم من أسباب العذاب, وموجبات العقاب, وهذا أصل كل خير.
* من عزته, أن تعتمد عليه, ولا تستوحش من انفرادك, وكثرة أعدائك, وجبروتهم, فإن نواصيهم بيد الله, وحركاتهم وسكونهم بتدبيره.
ــــــــــــــــــــ(63)
* من ظلم نفسه بمعاصي الله, وتاب وأناب, فبدل سيئاته حسنات, ومعاصيه طاعات, فإن الله غفور رحيم, فلا ييأس أحد من رحمته ومغفرته, فإنه يغفر الذنوب جميعاً, وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
* عنوان سعادة العبد, أن يكون شاكراً لله على نعمه, الدينية والدنيوية, وأن يرى جميع النعم من ربه, فلا يفخر بها, ولا يعجب بها, بل يرى أنها تستحق عليه شكراً كثيراً.
* هذا حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, الأدب الكامل, والتعجب في موضعه, وأن لا يبلغ بهم الضحك إلا التبسم, كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جُلّ ضحكه التبسم, فإن القهقهة تدل على خفة العقل, وسوء الأدب, وعدم التبسم والعجب مما يتعجب منه يدل على شراسة الخلق والجبروت والرسل منزهون عن ذلك
* ( وتفقد الطير ) دلّ هذا على كمال عزمه وحزمه, وحسن تنظيمه لجنوده, وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار, حتى أنه لم يهمل هذا الأمر, وهو: تفقد الطير, والنظر هل هي موجودة كلها, أم مفقود منها شيء ؟ وهذا هو معنى الآية.
* ( قالت كأنه هو ) وهذا من ذكائها وفطنتها, لم تقل: هو, لوجود التغير فيه والتنكير, ولم تنف أنه هو, لأنها عرفته, فأتت بلفظ محتمل للأمرين, صادق على الحالين.
* ( إن في ذلك لآية لقوم يعلمون ) يعلمون أن عاقبة الظلم: الدمار والهلاك, وأن عاقبة الإيمان والعدل: النجاة والفوز.
* هل يجيب المضطر الذي أقلقته الكروب, وتعسر عليه المطلوب, واضطر للخلاص مما هو فيه إلا الله وحده؟ ومن يكشف السوء أي البلاء والشر والنقمة إلا الله وحده؟
ــــــــــــــــــــــــ(64)ـ
* ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ) فلا تجدون مجرماً قد استمر على إجرامه, إلا وعاقبته شرُّ عاقبة, وقد أحلّ الله به من الشرّ والعقوبة ما يليق بحاله.
سورة القصص:
* العبد إذا أصابته مصيبة فصبر وثبت, ازداد بذلك إيمانه, ودل ذلك على أن استمرار الجزع مع العبد دليل على ضعف إيمانه.
* الله تعالى يجعل المحن والعقبات الشاقة بين يدي الأمور العالية والمطالب الفاضلة.
* ( وكذلك نجزى المحسنين ) في عبادة الله, المحسنين لخلق الله, يعطيهم علماً وحكماً.
* من أعظم آثار الجبار في الأرض, قتل النفس بغير حق.
* الحياء من الأخلاق الفاضلة, وخصوصاً في النساء.
* القوة والأمانة, خير أجير استؤجر من جمعهما, القوة والقدرة على ما استؤجر عليه, والأمانة فيه بعدم الخيانة, وهذان الوصفات ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملاً, بإجارة أو غيرها, فإن الخلل لا يكون إلا بفقدهما, أو فقد أحدهما.
* آيات الله وعبره وأيامه في الأمم السابقة, يستفيد بها ويستنير المؤمنون, فعلى حسب إيمان العبد تكون عبرته.
* الله تعالى إذا أراد أمراً هيأ أسبابه, وأتى بها شيئاً فشيئاً بالتدرج, لا دفعة واحدة.
* من أعظم نعم الله على عبده, وأعظم معونة للعبد على أموره, تثبيت الله إياه, وربط جأشه وقلبه عند المخاوف, وعند الأمور المذهلة, فإنه بذلك يتمكن من القول الصواب, والفعل الصواب, بخلاف من استمر قلقه وروعه وانزعاجه, فإنه يضيع فكره, ويذهل عقله, فلا ينتقع بنفسه في تلك الحال.
ــــــــــــــــ(65)
* الناظر في العلم عند الحاجة إلى التكلم فيه, إذا لم يترجح عنده أحد القولين, فإنه يستهدي ربه, ويسأله أن يهديه الصواب من القولين, بعد أن يقصد بقلبه الحق, ويبحث عنه, فإن الله لا يخيب من هذه الحالة.

* العبد إذا عمل العمل لله تعالى, ثم حصل له مكافأة عليه, من غير قصد بالقصد الأول, فإنه لا يلام عل ذلك.

* ( وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون) أي: أفلا تكون لكم عقول, بها تزنون أي الأمرين أولى بالإيثار, وأي الدارين أحق للعمل لها, فدل ذلك أنه بحسب عقل العبد, يؤثر الأخرى على الدنيا, وأنه ما آثر أحد الدنيا إلا لنقص في عقله.
* العبد ينبغي له أن يتدبر نعم الله عليه, ويستبصر فيها, ويقيسها بحال عدمها, فإنه إذا وزان بين حالة وجودها, وبين حالة عدمها, تنبه عقله لمواضع المنة, بخلاف من جرى مع العوائد, ورأى أن هذا الأمر لم يزل مستمراً, ولا يزال, وعمى قلبه عن الثناء على الله بنعمه, ورؤية افتقاره إليها في كل وقت, فإن هذا لا يحدث له فكره شكر, ولا ذكر.
سورة العنكبوت:
* يخبر تعالى عن تمام حكمته, وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال: " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان, أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن, ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه, فإنهم لو كان الأمر كذلك, لم يتميز الصادق من الكاذب, والمحق من المبطل,...فنسأل الله تعالى...أن يثبتنا قلوبنا على دينه, فالابتلاء والامتحان للنفوس, بمنزلة الكير يخرج خبثها, وطيبها.
ــــــــــــــــــــ(66)ـ
* يا أيها المحب لربه المشتاق لقربه ولقائه, المسارع في مرضاته, أبشر بقرب لقاء الحبيب, فإنه آت, وكل ما هو آت قريب, فتزود للقائه, وسر نحوه, مستصحباً الرجاء, مؤملاً الوصول إليه.
* الأوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها إلى جهاد, لأن نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير, وشيطانه ينهاه عنه, وعدوه الكافر يمنعه من إقامة دينه كما ينبغي, وكل هذه معارضات تحتاج إلى مجاهدات, وسعى شديد.
* الإيمان الصحيح, والعمل الصالح, عنوان على سعادة صاحبه, وأنه من أهل الرحمن, ومن الصالحين من عباد الرحمن.
* كل خير يوجد في الدنيا والآخرة, فإنه من آثار عبادة الله وتقواه.
* ( ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ) أي: تركنا من ديار قوم لوط, آثاراً بينة لقوم يعقلون العبر بقلوبهم, فينتفعون بها.
* وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, أن العبد المقيم لها, المتمم لأركانها وشروطها, وخشوعها, يستنير قلبه, ويتطهر فؤاده, ويزداد إيمانه, وتقوى رغبته في الخير, وتقل أو تنعدم رعبته في الشر, فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه, تنهى عن الفحشاء والمنكر, وهذا من أعظم مقاصد الصلاة, وثمراتها. وثم مقصود في الصلاة أعظم من هذا وأكبر, وهو: ما اشتملت عليه من ذكر الله, بالقلب واللسان والبدن, فإن الله تعالى إنما خلق العباد لعبادته, وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة.
* من جدّ واجتهد في طلب العلم الشرعي فإنه يحصل له من الهداية, والمعونة على تحصيل مطلوبة, أمور إلهية خارجه عن مدرك اجتهاده, ويتسر له أمر العلم.
ــــــــــــــــــ(67)
* طلب العلم الشرعي, من الجهاد في سبيل الله, بل هو أحد نوعي الجهاد, الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق, وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين. والجهاد على تعليم أمور الدين. وعلى ردّ نزاع المخالفين للحق ولو كانوا من المسلمين.
سورة الروم:
* ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )...أي: لا يعلمون بواطن الأشياء وعواقبها, وإنما ( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا ) فينظرون إلى الأسباب, ويجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده, ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئاً, فهم واقفون مع الأسباب, غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها.
* ( وهم عن الآخرة غافلون ) من العجب أن هذا القسم من الناس, قد بلغت الكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا إلى أمر يحير العقول, ويدهش الألباب, وأظهروا من العجائب الذرية, والكهربائية, والمراكب البرية والبحرية والهوائية, ما فاقوا وبرزوا, وأعجبوا بعقولهم, ورأوا غيرهم عاجزاً عما أقدرهم الله عليه, فنظروا إليهم بعين الاحتقار والازدراء, وهم مع ذلك أبلد الناس في أمر دينهم, وأشدهم غفلة عن آخرتهم, وأقلهم معرفة بالعواقب, قد رآهم أهل البصائر النافذة في جهلهم يتخبطون, وفي ضلالهم يعمهون, وفي باطلهم يترددون, نسوا الله فأنساهم أنفسهم, أولئك هم الفاسقون.
* الإنابة, إنابة القلب وانجذاب دواعيه, لمراضي الله تعالى, ويلزم من ذلك عمل البدن بمقتضى ما في القلب, فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة, ولا يتم ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة.
ـــــــــــــــ(68)
* ( إن وعد الله حق ) أي: لا شك فيه, وهذا مما يعين على الصبر, فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع, بل سيجده كاملاً, هان عليه ما يلقاه من المكاره, وتيسر عليه كل عسير, واستقل من عمله كل كثير.
سورة لقمان :
* ( ويؤتون الزكاة ) التي تزكى صاحبها من الصفات الرذيلة, وتنفع أخاه المسلم, وتسد حاجته, ويبين بها أن العبد يؤثر محبة الله على محبته للمال, فيخرج محبوبه من المال, لما هو أحب إليه, وهو طلب مرضاة الله.
* ( لهو الحديث ) أي: الأحاديث الملهية للقوب, الصادّة لها عن أجلِّ مطلوب, فدخل في هذا, كل كلام محرم, وكل لغو وباطل وهذيان, من الأقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان, ومن أقوال الرادين على الحق, المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق, ومن غيبة, ونميمة, وكذب, وشتم, وسب, ومن غناء, ومزامير شيطان, ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.
* فسرت الحكمة بالعلم النافع, والعمل الصالح.
* (ولا تصغر خدك للناس) أي: لا تُملهُ وتعبس بوجهك للناس, تكبراً عليهم وتعاظماً
* ( واقصد في مشيك ) أي: امش متواضعاً مستكيناً, لا مشي البطر والتكبر, ولا مشي التماوت.
* ( إن أنكر الأصوات ) أي أفظعها وأبشعها, ( لصوت الحمير ) فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة لما اختص بذلك الحمار الذي علمت خسته وبلادته.
* المنتفعون بالآيات :كل صبار على الضراء, شكور على السراء, صبار على طاعة الله, وعن معصيته, وعلى أقداره, شكور لله على نعمه الدينية, والدنيوية.
ـــــــــــــــــــ(69)ـ
سورة السجدة:
* ( تتجافي عن المضاجع ) أي: ترتفع جنوبهم, وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة, إلى ما هو ألذ عندهم منه وأحب إليهم, وهو: الصلاة في الليل, ومناجاة الله تعالى.
* ( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) من فروض ونوافل, ( فلهم جنات المأوى ) أي: الجنات التي هي مأوى اللذات, ومعدن الخيرات, ومحل الأفراح, ونعيم القلوب والنفوس والأرواح, ومحل الخلود, وجوار الملك المعبود, والتمتع بقربه, والنظر إلى وجهه, وسماع خطابه.
سورة الأحزاب:
* ترى العبد الضعيف الذي يفوض أمره لسيده, قد قام بأمور لا تقوم بها أمة من الناس, وقد سهل الله عليه, ما كان يصعب على فحول الرجال, وبالله المستعان.
* الأسباب تنفع, إذا لم يعارضها القضاء والقدر, فإذا جاء القضاء والقدر, تلاشي كل سبب, وبطلت كل وسيلة ظنها الإنسان تنجية.
* شر ما في الإنسان أن يكون شحيحاً بما أمر الله به, شحيحاً بماله أن ينفقه في وجهه, شحيحاً في بدنه أن يجاهد أعداء الله أو يدعو إلى سبيل الله, شحيحاً بجاهه, شحيحاً بعلمه, ونصيحته, ورأيه.
* الأسوة الحسنة في الرسول صلى الله عليه وسلم, فإن المتأسي به سالك الطريق الموصل إلى كرامة الله, وهو الصراط المستقيم,...وهذه الأسوة الحسنة إنما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو الله واليوم الآخر, فإن ما معه من الإيمان, وخوف الله, ورجاء ثوابه, وخوف عقابه, يحثه على التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم.
* ( فلا تخضعن بالقول ) أي: في مخاطبة الرجال....وتتكلمن بكلام رقيق.
ـــــــــــــــــــ(70)
* ينبغي للعبد إذا رأى من نفسه...أنه يهش لفعل المحرم عندما يرى أو يسمع كلام من يهواه, ويجد دواعي طمعه قد انصرفت إلى الحرام. فليعرف أن ذلك مرض فليجتهد في إضعاف هذا المرض, وحسم الخواطر الردية, ومجاهدة نفسه على سلامتها من هذا المرض الخطر, وسؤال الله العصمة والتوفيق, وأن ذلك من حفظ الفرج المأمور به.
* ( وقرن في بيوتكن ) أي: اقررن فيها, لأنه أسلم وأحفظ لكُنّ.
* ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات, كعادة أهل الجاهلية الأولى.
* من معاني اللطيف: الذي يسوق عبده إلى الخير, ويعصمه من الشر, بطرق خفية لا يشعر بها, ويسوق إليه من الرزق ما لا يدريه, ويريه من الأسباب التي تكرهها النفوس ما يكون ذلك طريقاً إلى أعلى الدرجات, وأرفع المنازل.
* ( والحافظين فروجهم ) عن الزنا ومقدماته, ( والحافظات )
* لا يليق بمؤمن ولا مؤمنة ( إذا قضى الله ورسوله أمراً ) من الأمور, وحتماً به وألزما به ( أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) أي: الخيار, هل يفعلونه أم لا ؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة أن الرسول أولى به من نفسه, فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجاباً بينه وبين أمر الله ورسوله.

* التعليم الفعلي أبلغ من القولي, خصوصاً إذا اقترن بالقول, فإن ذلك نور على نور.
* المستشار مؤتمن, يجب عليه إذا استشير في أمر من الأمور أن يشير بما يعلمه أصلح للمستشير, ولو لم يكن للمستشار حظ نفس, بتقدم مصلحة المستشير على هوى نفسه وغرضه.
ــــــــــــــــــ(71)
* الرأي الحسن لمن استشار في فراق زوجه أن يؤمر بإمساكها مهما أمكن إصلاح الحال, فهو أحسن من الفرقة.

* يأمر تعالى المؤمنين بذكره ذكراً كثيراً....وأقل ذلك أن يلازم الإنسان أوراد الصباح, والمساء, وأدبار الصلوات الخمس, وعند العوارض والأسباب, وينبغي مداومة ذلك في جميع الأوقات, على جميع الأحوال, فإن ذلك عبادة يسبق بها العامل وهو مستريح, وداع إلى محبة الله ومعرفته, وعون على الخير, وكف اللسان عن الكلام القبيح.

* مما ينشط العاملين أن يذكر لهم من ثواب الله على أعمالهم ما به يستعينون على سلوك الصراط المستقيم,...وأن يذكر في مقام الترهيب, العقوبات المترتبة على ما يرهب منه, ليكون عوناً على الكف عما حرم الله.
* كلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر, فإنه أسلم له, وأطهر لقلبه.
* ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) أي: يغطين بها وجوههن وصدورهن.
* ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ) أن من تمادى في العصيان, وتجرأ على الأذى, ولم ينته منه, فإنه يعاقب عقوبة بليغة.
* ( ولن تجد لسنة الله تبديلاً ) أي: تغيراً, بل سنته تعالى وعادته جارية مع الأسباب المقتضية لمسبباتها.
* يأمر تعالى المؤمنين بتقواه, في جميع أحوالهم في السر والعلانية, ويخصّ منها ويندب للقول السديد, وهو القول الموافق للصواب, أو المقارب له عند تعذر اليقين....ومن القول السديد, لين الكلام ولطفه في مخاطبة الأنام, والقول المتضمن للنصح والإشارة بما هو أصلح.
ـــــــــــــــــــ(72)
سورة سبأ:
* كلما كان العبد أعظم علماً وتصديقاً بأخبار ما جاء به الرسول, وأعظم معرفة بحكم أوامره نواهيه, كان من أهل العلم الذين جعلهم الله حجة على ما جاء به الرسول.
* كلما كان العبد أعظم إنابة إلى الله, كان انتفاعه بالآيات أعظم, لأن المنيب مقبل إلى ربه, قد توجهت إرادته وهماته لربه, ورجع إليه في كل أمر من أموره, فصار قريباً من ربه, ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته, فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة, لا نظر غفلة غير نافعة.
* شكر الله تعالى, حافظ للنعمة, دافع للنقمة.
* الباطل, من المحال أن يغلب الحق, أو يدفعه, وإنما يكون له صولة, وقت غفلة الحق عنه, فإذ برز الحق وقاوم الباطل قمعه.
سورة فاطر:
* ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) بلذاتها وشهواتها, ومطالبها النفيسة, فتلهيكم عما خلقتم له.
* ( ولا يغرنكم بالله الغرور ), الذي هو الشيطان, وهو ( لكم عدو ) في الحقيقة ( فاتخذوه عدواً ) أي: لتكن منكم عداوته, ولا تهملوا محاربته كل وقت, فإنه يراكم وأنتم لا ترونه, وهو دائماً لكم بالمرصاد, ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) هذا غايته ومقصوده, ممن تبعه, أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد.
* من أسباب قصر العمر, الزنا, وعقوق الوالدين, وقطيعة الرحم, ونحو ذلك, مما ذكر أنها من أسباب قصر العمر.
ــــــــــــــــــ(73)
* يخاطب تعالى جميع الناس, ويخبرهم بحالهم ووصفهم, وأنهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه...ولكن الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه, ويتضرع له, ويسأله أن لا يكله إلى نفسة طرفة عين, وأن يعينه على جميع أموره, ويستصحب هذا المعنى في كل وقت, فهذا حري بالإعانة التامة من ربه وإلهه, الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
* ( إنما يخشي الله من عباده العلماء ) فكلّ من كان بالله أعلم كان أكثر له خشية. وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي, والاستعداد للقاء من يخشاه, وهذا دليل على فضيلة العلم. فإنه داع إلى خشية الله.
* قوله: ( بإذن الله ) راجع إلى السابق إلى الخيرات, لئلا يغتر بعمله, بل ما سبق إلى الخيرات, إلا بتوفيق الله تعالى ومعونته, فينبغي له أن يشتغل بشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه.
سورة يس:
* طريق العلم الصحيح الوقوف مع الحقائق, وترك التعرض لما لا فائدة فيه. وبذلك تزكو النفس, ويزيد العلم.
سورة الصافات:
* لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم والبحث عنه فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا
* ( لمثل هذا فليعمل العاملون ) فهو أحق ما أنفقت فيه نفائس الأنفاس وأولى ما شمر إليه العارفون الأكياس والحسرة كل الحسرة أن يمضي على الحازم وقت من أوقاته وهو غير مشغول بالعمل الذي يقرب لهذه الدار
ــــــــــــــــــــــ(74)ـــ
* ( إذ جاء ربه بقلب سليم ) من الشرك والشبه, والشهوات المانعة من تصور الحق والعمل به, وإذا كان قلب العبد سليماً سلم من كل شر, وحصل له كل خير, ومن سلامته: أنه سليم من غش الخلق وحسدهم.
* وصف الله إسماعيل بالحلم, وهو يتضمن الصبر, وحسن الخلق, وسعة الصدر, والعفو عمن جنى.


* ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) في عبادة الله, ومعاملة خلقه, أن نفرج عنهم الشدائد, ونجعل لهم العاقبة, والثناء الحسن.
سورة ص:
* ( إنه أواب ) أي: رجّاع إلى الله في جميع الأمور, بالإنابة إليه, بالحب والتأله, والخوف, والرجاء, وكثرة التضرع, والدعاء, رجاع إليه, عندما يقع منه بعض الخلل بالإقلاع, والتوبة النصوح.
* ( ولا تتبع الهوى ) فتميل مع أحد, لقرابه, أو صداقه, أو محبه, أو بغض للآخر, (فيضلك ) الهوى, ( عن سبيل الله ) ويخرجك عن الصراط المستقيم.

* ( ليدبروا آياته ) أي: هذه الحكمة من إنزاله, ليتدبر الناس آياته, فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها, فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة, تدرك بركته وخيره, وهذا يدل على الحثّ على تدبر القرآن, وأنه من أفضل الأعمال, وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.

* من أكبر نعم الله على عبده, أن يرزقه العلم النافع, ويعرف الحكم والفصل بين الناس, كما امتن الله به على عبده داود عليه السلام.
ــــــــــــــ(75)
* الله تعالى يمدح ويحبُّ القوة في طاعته, قوة القلب والبدن, فإنه يحصل منها من آثار الطاعة وحسنها وكثرتها, ما لا يحصل مع الوهن وعدم القوة, وأن العبد ينبغي له تعاطي أسبابها وعدم الركون إلى الكسل, والبطالة المخلة بالقوة, المضعفة للنفس.
* لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق لسوء أدب الخصم, وفعله ما لا ينبغي.
* الموعوظ والمنصوح ولو كان كبير القدر, جليل العلم, إذا نصحه أحد أو وعظه, لا يغضب, ولا يشمئز, بل يبادر بالقبول والشكر. فإن الخصمين نصحا داود فلم يشمئز, ولم يغضب.
* المخالطة بين الأقارب والأصحاب, وكثرة التعلقات الدنيوية المالية, موجبة للتعادي بينهم, وبغي بعضهم على بعض, وأنه لا يرد عن ذلك إلا استعمال تقوى الله, والصبر على الأمور, بالإيمان والعمل الصالح, وأن هذا من أقلِّ شيء في الناس.
* الاستغفار والعبادة, وخصوصاً الصلاة, مكفرات للذنوب, فإن الله رتب مغفرة ذنب داود على استغفاره وسجوده.
* الحكم بين الناس, مرتبة دينية, تولاها رسل الله, وخواص خلقه, وأن وظيفة القائم بها الحكم بالحق, ومجانبة الهوى, فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية, والعلم بصورة القضية المحكوم بها, وكيفية إدخالها في الحكم الشرعي, فالجاهل بأحد أمرين: لا يصلح للحكم, ولا يحلّ له الإقدام عليه.
* ينبغي للحاكم أن يحذر الهوى, ويجعله منه على بال, فإن النفوس لا تخلو منه, بل يجاهد نفسه, بأن يكون الحق مقصوده, وأن يلقى عنه وقت الحكم كل محبة أو بغض لأحد الخصمين.
* كل ما شغل العبد عن الله فإنه مشئوم مذموم, فليُفارقه وليُقبل على ما هو أنفع له
ـــــــــــــــــ(76)
* من أكبر نعم الله على عبده: أن يهب له ولداً صالحاً, فإن كان عالماً, كان نوراً على نور.
* ( وذكرى لأولى الألباب ) أي: وليتذكر أولو العقول بحالة أيوب, ويعتبروا, فيعلموا أن من صبر على الضرِّ, فإن الله تعالى يثيبه ثواباً عاجلاً وآجلاً, ويستجيب دعاءه إذا دعاءه.
* ( إنا وجدناه ), أي: أيوب, ( صابرا ً), أي: ابتليناه بالضر العظيم, فصبر لوجه الله تعالى.
سورة الزمر:
* ( إنما يتذكر ) إذا ذكروا ( أولوا الألباب ) أي: أهل العقول الزكية الذكية, فهم الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى, فيؤثرون العلم على الجهل, وطاعة الله على مخالفته, وأن لهم عقولاً ترشدهم للنظر في العواقب, بخلاف من لا لب له ولا عقل, فإنه يتخذ إلهه هواه.
* ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) أي: بغير حد, ولا عد, ولا مقدار, وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند الله, وأنه معين على كل الأمور.
* ( قل إن الخاسرين ) حقيقة هم ( الذين خسروا أنفسهم ) حيث حرموها الثواب, واستحقت بسببهم وخيم العقاب, ( وأهليهم يوم القيامة ) أي: فرق بينهم وبينهم, واشتد عليهم الحزن, وعظم الخسران.
* و( أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ) من عباده, سواء كان صالحاً أو طالحاً ( ويقدر) الرزق, أي: يضيقه على من يشاء صالحاً أو طالحاً, فرزقه مشترك بين البرية, والإيمان والعمل الصالح يخصّ به خير البرية.
ــــــــــــــــ(77)
* ( لا تقنطوا من رحمة الله ) أي: لا تيأسوا منها, فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة, وتقولوا قد كثرت ذنوبنا, وتراكمت عيوبنا, فليس لها طريق يزيلها, ولا سبيل يصرفها, فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان, متزودين ما يغضب عليكم الرحمن, ولكن اعرفوا ربكم, بأسمائه الدالة على كرمه وجوده, واعلموا ( أن الله يغفر الذنوب جميعاً ) من الشرك, والقتل, والزنا, والربا, والظلم, وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار.
* ( فنعم أجر العاملين ) الذين اجتهدوا بطاعة ربهم في زمن قليل منقطع, فنالوا بذلك خيراً عظيماً باقياً مستمراً, وهذه الدار التي تستحق المدخ على الحقيقة التي يكرم الله فيها خواص خلقه, ورضيها الجواد الكريم لهم نزلاً, وبنى أعلاها وأحسنها, وغرسها بيده, وحشاها من رحمته وكرامته, ما ببعضه يفرح الحزين, ويزول الكدر, ويتم الصفاء.
سورة غافر:
* ( شديد العقاب ) على من تجرأ على الذنوب ولم يتب منها.
* الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته, لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه.
* ( وما يتذكر ) بالآيات حين يذكر بها, ( إلا من ينيب ) إلى الله تعالى بالإقبال على محبته, وخشيته, وطاعته, والتضرع إليه, فهذا الذي ينتفع بالآيات, وتصير رحمة في حقه, ويزداد بها بصيرة.
* كما أن الجسد بدون الروح لا يحيا ولا يعيش, فالروح والقلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح.
* ( قال الذين آمن ) مكرراً دعوة قومة, غير آيس من هدايتهم, كما هي حالة الدعاة إلى الله تعالى, لا يزالون يدعون إلى ربهم, ولا يردهم عن ذلك راد.
ـــــــــــــــــ(78)
* هذا من لطفه بعباده, ونعمته العظيمة, حيث دعاهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم. وأمرهم بدعائه, دعاء العبادة, ودعاء المسألة, ووعدهم أن يستجيب لهم.
* هذان الأمران, وهما: معرفته وعبادته, هما اللذان خلقا الله الخلق لأجلهما, وهما الغاية المقصودة منه تعالى لعباده, وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح, وسعادة دنيوية وأخروية, وهما أشرف عطايا الكريم لعباده, وهما أشرف اللذات على الإطلاق, وهما اللذان إن فاتا فات كل خير, وحضر كل شر.
فنسأله تعالى أن يملأ قلوبنا بمعرفته ومحبته, وأن يجعل حركاتنا الباطنة والظاهرة خالصة لوجهه, تابعة لأمره, إنه لا يتعاظمه سؤال, ولا يحفيه نوال.
* ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) بسبب جهلهم وظلمهم, ( وقليل من عبادي الشكور ) الذين يقرون بنعمة ربهم, ويخضعون لله ويحبونه, ويصرفونها في طاعة مولاهم ورضاه.
سورة فصلت:
* كل حالة قُدّر إمكان الصبر عليها, فالنار لا يمكن الصبر عليها, وكيف الصبر على نار قد اشتد حرها, وزادت على نار الدنيا بسبعين ضعفاً, وعظم غليان حميمها, وزاد نتن صديدها, وتضاعف برد زمهريرها, وعظمت سلاسلها وأغلالها, وكبرت مقامعها, وغلظ خُزانها, وزال ما في قلوبهم من رحمته. وختام ذلك سخط الجبار, وقوله لهم حين يدعونه, ويستغيثون: ( اخسأوا فيها ولا تكلمون )

* من الدعوة إلى الله: الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله, وسنة رسوله, والحث على ذلك بكل طريق موصل إليه, ومن ذلك: الحث على مكارم الأخلاق والإحسان إلى عموم الناس ومقابلة المسيء بالإحسان.
ـــــــــــــــــ(79)
* من الدعوة إلى الله: تحبيبه إلى عباده, بذكر تفاصيل نعمه, وسعة جوده, وكمال رحمته, وذكر أوصاف كماله, ونعوت جلاله....ومن ذلك: الوعظ لعموم الناس, في أوقات المواسم, والعوارض, والمصائب, بما يناسب الحال.
* ( ادفع بالتي هي أحسن ) أي: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق, خصوصاً من له حق كبير عليك, كالأقارب, والأصحاب, ونحوهم, إساءة بالقول أو بالفعل, فقابله بالإحسان إليه, فإن قطعك فصِلهُ, وإن ظلمك فاعف عنه, وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً, فلا تقابله بل اعف عنه, وعامله بالقول اللين, وإن هجرك وترك خطابك فطّيب له الكلام, وابذل له السلام, فإذا قابلت الإساءة بالإحسان, حصل فائدة عظيمة. ( وما يلقاها ) أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة, ( إلا الذين صبروا ) نفوسهم على ما تكره, وأجبروها على ما يحبه الله, فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته, وعدم العفو عنه, فكيف بالإحسان ؟!! فإذا صبر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه, وعرف جزيل الثواب وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله, لا تفيده شيئاً ولا تزيد العداوة إلا شدة, وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره, بل من تواضع لله رفعه, هان عليه الأمر, وفعل ذلك, متلذذاً مستحلياً له.( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) لكونها من خصال خواص الخلق, التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة, التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق.
* ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ ) أي: أي وقت من الأوقات, أحسست بشيء من نزغات الشيطان, أي: من وساوسه, وتزينه للشر, وتكسيله عن الخير, وإصابة ببعض الذنوب, وإطاعة له ببعض ما يأمر به, ( فاستعذ بالله ), أي: اسأله مفتقراً إليه, أن يعيذك ويعصمك منه.
ــــــــــــــــ(80)
* الذين آمنوا وعملوا الصالحات...إذا أصابهم الخير والنعمة والمحاب, شكروا الله تعالى, وخافوا أن تكون نعم الله عليهم, استدراجاً وإمهالاً. وإن أصابتهم مصيبة في أنفسهم وأموالهم وأولادهم صبروا, ورجوا فضل ربهم, فلم ييأسوا.
* ( وإذا أنعمنا على الإنسان ) بصحة, أو رزق, أو غيرهما, ( أعرض ) عن ربه وعن شكره, ( ونأى ) ترفع, ( بجانبه ) عجباً وتكبراً, ( وإن مسه الشر ) أي: المرض أو الفقر أو غيرهما, ( فذو دعاء عريض ) أي: كثير جداً, لعدم صبره, فلا صبر في الضراء, ولا شكر في الرخاء, إلا من هداه الله ومنَّ عليه.
سورة الشورى:
* قوله ( عليه توكلت ), ( وإليه أنيب ), هذان الأصلان كثيراً ما يذكرهما الله في كتابه, لإنهما يحصل بمجموعهما كمال العبد ويفوته الكمال بفوتهما أو فوت أحدهما, كقوله تعالى: ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وقوله: ( فاعبده وتوكل عليه )

* من لطفه بعبده المؤمن أن هداه إلى الخير هداية لا تخطر بباله, بما يسر له من الأسباب, الداعية إلى ذلك, من فطرته على محبة الحق والانقياد له, وإيزاعه تعالى لملائكته الكرام أن يثبتوا عباده المؤمنين, ويحثوهم على الخير, ويلقوا في قلوبهم من تزين الحق ما يكون داعياً لاتباعه.
* ومن لطفه أن أمر المؤمنين, بالعبادات الاجتماعية, التي بها تقوى عزائمهم, وتنبعث هممهم, ويحصل منهم التنافس على الخير, والرغبة فيه, واقتداء بعضهم ببعض.
* ومن لطفه أن قيض لعبده كل سبب يعوقه ويحول بينه وبين المعاصي, حتى أنه إذا علم أن الدنيا والمال والرياسة ونحوها, مما يتنافس فيه أهل الدنيا, تقطع عبده عن طاعته أو تحمله عن الغفلة عنه أو معصيته, صرفها عنه, وقدر عليه رزقه.
ــــــــــــــــ(81)
* ( روضات الجنات ) فلا تسأل عن بهجة تلك الرياض المونقة, وما فيها من الأنهار المتدفقة, والغياض المعشبه, والمناظر الحسنة, والأشجار المثمرة, والطيور المغردة, والأصوات الشجية المطربة, والاجتماع بكل حبيب, والأخذ من المعاشرة والمنادمة بأكمل نصيب, رياض لا تزداد على طول المدى إلا حسنا وبهاء, ولا يزداد أهلها إلا اشتياقاً إلى لذاتها ووداداً.

* من حكمته ورحمته وسنته الجارية, أنه يمحو الباطل ويزيله, وإن كان له صولة في بعض الأوقات, فإن عاقبته الاضمحلال.
* يخبر تعالى أنه ما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم, وأموالهم, وأولادهم, وفيما يحبون ويكون عزيزاً عليهم, إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات, وأن ما يعفو الله عنه أكثر, فإن الله لا يظلم العباد, ولكن أنفسهم يظلمون, ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) وليس إهمالاً منه تعالى تأخير العقوبات, ولا عجزاً.
* هذا تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة, ( فما أوتيتم من شيء ) من ملك ورياسة, وأموال وبنين وصحة وعافية بدنية, ( فمتاع الحياة الدنيا ) لذة منغصة منقطعة. ( وما عند الله ) من الثواب الجزيل, والأجر الكبير, والنعيم المقيم, ( خير ) من لذات الدنيا, خيرية لا نسبة بينهما, ( وأبقى ) لأنه نعيم لا منغص فيه ولا كدر ولا انتقال.
* كل عمل لا يصحبه التوكل فغير تام, وهو أي: التوكل: الاعتماد بالقلب على الله في جلب ما يحبه العبد, ودفع ما يكرهه مع الثقة به تعالى.
* مما يهيج على العفو أن يعامل العبد الخلق بما يجب أن يعامله الله به, فكما يحب أن يعفو الله عنه, فليعفُ عنهم, وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم.
ـــــــــــــ(82)
* شرط الله في العفو: الإصلاح فيه, ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق بالعفو عنه, وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته, فإنه في هذه الحال لا يكون مأموراً به.
* ( إنه لا يحب الظالمين ) الذين يجنون على غيرهم ابتداء, أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته, فالزيادة ظلم.
سورة الزخرف:
* يخبر تعالى عن عقوبته البليغة, بمن أعرض عن ذكره, فقال: ( ومن يعش ) أي: يعرض ويصد ( عن ذكر الرحمن ) الذي هو القرآن العظيم, الذي هو أعظم رحمة رحم بها الرحمن عباده, فمن قبلها فقد قبل خير الواهب, وفاز بأعظم المطالب والرغائب, ومن أعرض عنها وردها فقد خاب وخسر خسارة لا يسعد بعدها أبداً, وقيّض له الرحمن شيطاناً مريداً, يقارنه ويصاحبه ويعده ويمنيه ويؤزه إلى المعاصي أزّاً.
* وإن ( الإخلاء يومئذ ) أي: يوم القيامة, المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية الله, ( بعضهم لبعض عدو ) لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا لغير الله, فانقلبت يوم القيامة عداوة, ( إلا المتقين ) للشرك والمعاصي, فإن محبتهم تدوم وتتصل, بدوام من كانت المحبة لأجله.
سورة الدخان:
* ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي: لما أتلفهم الله وأهلكهم, لم تبك عليهم السماء والأرض, أي: لم يحزن عليهم, ولم ييأس على فراقهم, بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم, حتى السماء والأرض, لأنهم ما خلفوا من آثارهم, إلا ما يسود وجوههم, ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين.
ـــــــــــــــــ(83)
* ( متقابلين ) في قلوبهم, ووجوهم, في كمال الراحة والطمأنينة, والمحبة والعشرة الحسنة, والآداب المستحسنة.
* ( كذلك ) النعيم التام والسرور الكامل ( وزوجناهم بحور ) أي: نساء جميلات من جمالهن وحسنهن, أنه يحار الطرف في حسنهن, وينبهر العقل بجمالهن, وينخلب اللب لكمالهن ( عين ) أي: واسعات الأعين, حسانها.
* ( آمنين ) من انقطاع ذلك, وآمنين من مضرته, وآمنين من كل مكدر, وآمنين من الخروج منها, والموت.
سورة الأحقاف:
* من لطفه تعالى بعباده, وشكره للوالدين, أن وصَّى الأولاد وعهد إليهم أن يحسنوا إلى والديهم, بالقول اللطيف, والكلام اللين, وبذل المال والنفقة, وغير ذلك, من وجوه الإحسان.
* صلاح الوالدين بالعلم والعمل, من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم.
* ( وأصلح لي ذريتي ) دعا لذريته أن يصلح الله أحوالهم, وذكر أن صلاحهم يعود نفعه على والديهم, لقوله: ( وأصلح لي ).
سورة محمد:
* لا يستوى من هو على بصيرة من أمر دينه, علماً وعملاً قد علم الحق واتبعه, ورجا ما وعده الله لأهل الحق, كمن هو أعمى القلب, قد رفض الحق وأضله, واتبع هواه بغير هدى من الله. ومع ذلك يرى أن ما هو عليه هو الحق, فما أبعد الفريقين! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين, أهل الحق وأهل الغي!
* الألسن مغارف القلوب, يظهر فيها ما في القلوب, من الخير والشر.
ـــــــــــــــــــــ(84)ـــ
* ( ولا تبطلوا أعمالكم ) يشمل النهى عن إبطالها بعد عملها, بما يفسدها, من: منًّ بها, وإعجاب, وفخر, وسمعة, ومن عمل المعاصي, التي تضمحل معها الأعمال, ويحبط أجرها, ويشمل النهى عن إفسادها حال وقوعها, بقطعها, أو الإتيان بمفسد من مفسداتها, فمبطلات الصلاة, والصيام, والحج, ونحوها, كلها داخلة في هذا, منهى عنها.
سورة الفتح:
* ( رحماء بينهم ) أي: متحابون, متراحمون, متعطفون, كالجسد الواحد. يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
* ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) أي: قد أثرت العبادة من كثرتها وحسنها في وجوههم حتى استنارت. لما استنارت بالصلاة بواطنهم استنارت بالجلال ظواهرهم
سورة الحجرات:
* متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب اتباعها, وتقديمها على غيرها, كائناً من كان.
* أدب العبد عنوان عقله, وأن الله مريد به الخير.
* السخرية, لا تقع من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق, مُتحلّ بكل خلق ذميم, مُتخلِّ من كل خلق كريم.
سورة " ق ":
* كل من كذب بالحق, فإنه في أمر مختلط, لا يدرى له وجه ولا قرار. فترى أموره متناقضة مؤتفكة, كما أن من اتبع الحق وصدق به, قد استقام أمره, واعتدل سبيله, وصدق فعله قيله.
ــــــــــــــــــــ(85)
* ( من خشي الرحمن ) أي: من خافه على وجه المعرفة بربه, والرجاء لرحمته, ولازم على خشية الله في حال غيبه, أي: مغيبه عن أعين الناس, وهذه هي الخشية الحقيقية. وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم, فقد يكون رياء وسمعة, فلا تدل على الخشية, وإنما الخشية النافعة, خشيته في الغيب والشهادة.
* ذكر الله تعالى, مُسلِّ للنفس, مؤنس لها, مُهون للصبر.
سورة الذاريات:
* من أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق, صلاة الليل, الدالة على الإخلاص, وتواطؤ القلب واللسان.
* للاستغفار بالأسحار فضيلة وخصيصة, ليست لغيره, كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة: ( والمستغفرين بالأسحار )
* قصّ الله على عباده, نبأ الأخيار والفجار, ليعتبروا بهم, وأين وصلت بهم الأحوال.
* الضيف يكرم بأنواع الإكرام, بالقول والفعل....وإبراهيم هو الذي خدم أضيافه, وهو خليل الرحمن, وسيد من ضيّف الضيقان.
* من خاف من أحد لسبب من الأسباب, فإن عليه أن يزيل عنهُ الخوف, ويذكر له ما يؤمن روعه, ويسكن جأشه, كما قالت الملائكة لإبراهيم لما خافهم: ( لا تخف )
* ( ففروا إلى الله ) أي: الفرار مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً, فرار من الجهل إلى العلم, ومن الكفر إلى الإيمان, ومن المعصية إلى الطاعة, ومن الغفلة إلى الذكر.
* سمى الله الرجوع إليه فراراً لأن في الرجوع إلى غيره, أنواع المخاوف والمكاره, وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسرور والسعادة والفوز.
ــــــــــــــــــــــــ(86)ــ
* كل من خفت منه فررت منه إلى الله تعالى, فإنه بحسب الخوف منه يكون الفرار إليه
* تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله. بل كلما ازداد العبد معرفة بربه كانت عبادته أكمل.
سورة الطور:
* الويل: كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف.
سورة القمر:
* ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) أي: ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم, ألفاظه للحفظ والأداء, ومعانيه للفهم والعلم, لأنه أحسن الكلام لفظاً, وأصدقه معنى, وأبينه تفسيراً, فكل من أقبل عليه, يسّر الله عليه مطلوبة غاية التيسير, وسهله عليه.
* علم القرآن...أسهل العلوم, وأجلها على الإطلاق, وهو العلم النافع, الذي إذا طلبه العبد أُعين عليه.
سورة الرحمن:
* ( علَّم القرآن ) أي: علم عباده ألفاظه ومعانيه, ويسرها على عباده, وهذا أعظم منة ورحمة, رحم بها العباد, حيث أنزل عليهم قرآناً عربياً, بأحسن الألفاظ, وأوضح المعاني, مشتمل على كل خير, زاجر عن كل شر.
* ( ووضع الميزان ) أي: العدل في الأقوال والأفعال.
سورة الواقعة:
* ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات, هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
ــــــــــــــــ(87)
* ( إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) أي: قد ألهتهم دنياهم, وعملوا لها وتنعموا, وتمتعوا بها, فألهاهم الأمل عن إحسان العمل. فهذا هو الترف الذي ذمهم الله عليه.
* ( وكانوا يصرون على الحنث العظيم ) أي: وكانوا يفعلون الذنوب الكبار, ولا يتوبون منها, ولا يندمون عليها, بل يصرون على ما يسخط مولاهم, فقدموا عليه بأوزار كثيرة, غير مغفورة.
* ( فأما إن كان من المقربين ) أي: إن كان الميت من المقربين إلى الله, المتقربين إليه بأداء الواجبات والمستحبات, وترك المحرمات والمكروهات, وفضول المباحات, ( فـــ ) لهم ( روح ) أي: راحة وطمأنينة, وسرور وبهجة, ونعيم القلب والروح. ( وريحان ) وهو اسم جامع لكل لذة بدنية, من أنواع المآكل والمشارب وغيرها, وقيل: الريحان هو: الطيب المعروف,...( وجنة نعيم ) جامعة للأمرين كليهما, فيها ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة, التي تكاد تطير منها الأرواح فرحاً وسروراً.
سورة الحديد:
* ( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً ) وهي: النفقة الطيبة, التي تكون خالصة لوجه الله, موافقة لمرضاة الله, من مال حلال طيب, طيبة به نفسه, وهذا من كرم الله تعالى, حيث سماها قرضاً, والمال ماله, والعبيد عبيده, ووعد بالمضاعفة عليه, أضعافاً كثيرة, وهو الكريم الوهاب, وتلك المضاعفة محلها ومواضعها يوم القيامة يوم يتبين كل إنسان فقره, ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن.
* ( فقست قلوبكم وكثير منهم فاسقون ) فالقلوب تحتاج في كل وقت, إلى أن تذكر بما أنزل الله وتناطق بالحكمة ولا ينبغي الغفلة...فإنه سبب لقسوة القلب وجمود العين
ــــــــــــــــــــ(88)ــــ
* من عرف الدنيا وحقيقتها جعلها معبراً, ولم يجعلها مستقراً, فنافس فيما يقربه إلى الله, واتخذ الوسائل التي توصله إلى دار كرامته, وإذا رأى من يكاثره وينافسه في الأموال والأولاد, نافسه بالأعمال الصالحة.
* كان النصارى ألين من غيرهم قلوباً, حين كانوا على شريعة عيسى عليه السلام.
سورة المجادلة:
* من عاش على شيء مات عليه.
* من يزعم أنه مؤمن بالله واليوم الآخر, وهو مع ذلك مُوادّ لأعداء الله, مُحبّ لمن نبذ الإيمان وراء ظهره, فإن هذا إيمان زعمي, لا حقيقة له, فإن كل أمر لا بد له من برهان يصدقه, فمجرد الدعوى, لا تفيد شيئاً, ولا يصدق صاحبها.
سورة الحشر:
* من وثق بغير الله فهو مخذول, ومن ركن إلى غير الله كان وبالاً عليه.
* ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وهذا شامل لأصول الدين وفروعه, وظاهره وباطنه, وأن ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به واتباعه, ولا تحل مخالفته, وأن نص الرسول على حكم الشيء كنص الله تعالى, لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه, ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله.
* ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) أي: من أوصاف الأنصار التي فاقوا بها غيرهم, وتميزوا عنم سواهم, الإيثار, وهو أكمل أنواع الجود, وهو الإيثار بمحاب النفس, وهذا لا يكون إلا من خلق زكي, ومحبة لله تعالى, مقدمة على شهوات النفس ولذاتها.
* الإيثار عكس الأثرة فالإيثار محمود, والأثرة مذموم, لأنها من خصال البخل والشح
ـــــــــــــــــــ(89)
* الفقه كل الفقه, أن يكون خوف الخالق, ورجاؤه, ومحبته, مقدمة على غيرها, وعيرها تبعاً لها.
* ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ )
هذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه, وأنه لا ينبغي له أن يتفقدها, فإن رأى زللاً تداركه بالإقلاع عنه, والتوبة النصوح, والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه, وإن رأى نفسه مقصراً في أمر من أوامر الله, بذل جهده, واستعان بربه في تتميمه, وتكميله, وإتقانه, ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه, وبين تقصيره, فإن ذلك يوجب له الحياة لا محالة
والحرمان كل الحرمان, أن يغفل العبد عن هذا الأمر, ويشابه قوماً نسوا الله وغفلوا عن ذكره, والقيام بحقه, وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها, فلم ينجحوا, ولم يحصلوا على طائل. بل أنساهم الله مصالح أنفسهم وأغفلهم عن منافعها وفوائدها, فصار أمرهم فرطاً, فرجعوا بخسارة الدارين, وغبنوا غبناً لا يمكن تداركه, ولا يجبر كسره, لأنهم هم الفاسقون, الذين خرجوا عن طاعة ربهم, وأوضعوا في معاصيه.
فهل يستوى من حافظ على تقوى الله, ونظر لما قدم لغده, فاستحق جنات النعيم, والعيش السليم, مع الذين أنعم الله عليهم, من النبيين, والصديقين, والشهداء, والصالحين, ومن غفل عن ذكره ونسي حقوقه فشقي في الدنيا, واستحق العذاب في الآخرة, فالأولون هم الفائزون, والآخرون هم الخاسرون.
* مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق.
* فلا أنفع للعبد من التفكر في القرآن والتدبر لمعانيه.
ـــــــــــــــــــــــ(90)
سورة المُمتحنة:
* ( لا تتخذوا عدوي ) عدو الله, ( وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) أي: تسارعون في مودتهم, والسعي في أسبابها, فإن المودة إذا حصلت تبعتها النصرة والموالاة, فخرج العبد من الإيمان, وصار من جملة أهل الكفران, وهذا المتخذ للكافر ولياً عادم المروءة أيضاً, فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه, الذي لا يريد له إلا الشر, ويخالف ربه ووليه, الذي يريد به الخير, ويأمره به, ويحثه عليه ؟!
* مما يدعو المؤمن أيضاً إلى معادة الكفار, أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق, ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة, فإنهم قد كفروا بأصل دينكم, وزعموا أنكم ضلال, على غير هدى.
* موالاة أولياء الله, ومعاداة أعدائه,...من أعظم الجهاد في سبيله, ومن أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله, ويبتغون به رضاه.
* الإيمان, واحتساب الأجر والثواب, يُسهل على العبد كل عسير, ويقلل لديه كل كثير, ويوجب له الاقتداء بعباد الله الصالحين, والأنبياء والمرسلين.
* ( والله قدير ) على كل شيء ومن ذلك: هداية القلوب وتقليبها من حال إلى حال
سورة الصف:
* ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس مبادرة إليه والناهي عن الشر, أن يكون أبعد الناس عنه قال تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) وقال شعيب عليه السلام: ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه)
سورة الجمعة:
* لا أعظم من نعمة الدين, التي هي مادة الفوز, والسعادة الأبدية.
ـــــــــــــــــــــ(91)
* ( ولا يتمونه أبداً بما قدمت أيديهم ) أي من الذنوب والمعاصي, التي يستوحشون من الموت من أجلها.
* من آثر الدنيا على الدين, فقد خسر الخسارة الحقيقة, من حيث يظن أنه يربح.
* لما كان الاشتغال بالتجارة مظنة الغفلة عن ذكر الله, أمر الله بالإكثار من ذكره.
* الإكثار من ذكر الله أكبر أسباب الفلاح.
* ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله, وقت دواعي النفس لحضور اللهو, والتجارات, والشهوات, أن يذكرها بما عند الله من الخيرات, وما لمؤثر رضاه على هواه.
سورة المنافقون:
* قال: ( مما رزقناكم ) ليدل ذلك على أنه تعالى لم يكلف العباد من النفقة ما يعنتهم ويشق عليهم, بل أمرهم بإخراج جزء مما رزقهم ويسره ويسر أسبابه, فليشكروا الذي أعطاهم, بمواساة إخوانهم المحتاجين.
سورة التغابن:
* ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ) هذا عام لجميع المصائب, في النفس والمال والولد, والأحباب ونحوهم, فجميع ما أصاب العباد فبقضاء الله وقدره, وقد سبق بذلك علم الله, وجرى به قلمه, ونفذت به مشيئته, واقتضته حكمته, ولكن الشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام أم لا يقوم بها ؟ فإن قام بها فله الثواب الجزيل والأجر الجميل في الدنيا والآخرة, فإذا آمن أنها من عند الله فرضى بذلك وسلم أمره, هدى الله قلبه, فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب كما يجرى ممن لم يهد الله قلبه, بل يرزقه الثبات عند ورودها والقيام بموجب الصبر, فيحصل له بذلك ثواب عاجل مع ما يدخر له يوم الجزاء من الأجر العظيم.
ــــــــــــــــــ(92)
* من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب, بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره, بل وقف مع مجرد الأسباب أنه يخذل, ويكله الله إلى نفسه, وإذا وكل العبد إلى نفسه, فالنفس ليس عندها إلا الهلع والجزع, الذي هو عقوبة عاجلة على العبد, قبل عقوبة الآخرة, على ما فرط في واجب الصبر.
* قال تعالى: ( والله عليم بذات الصدور ) فإذا كان عليماً بذات الصدور, تعين على العاقل البصير أن يحرص ويجتهد في حفظ باطنه, من الأخلاق الرديئة, واتصافه بالأخلاق الجميلة.
* أصل الثبات: ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة.
* أهل الإيمان أهدى الناس قلوباً وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات وذلك لما معهم من الإيمان.
* النفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد, فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد. التي فيها محذور شرعي, ورغبهم في امتثال أوامره, وتقديم مرضاته بما عنده, من الأجر العظيم المشتمل على المطالب العالية, والمحاب الغالية, وأن يؤثروا الآخرة على الدنيا الفانية المنقضية.
* من عفا, عفا الله عنه, ومن صفح, صفح الله عنه, ومن عامل الله فيما يحب وعامل عباده بما يحبون ونفعهم, نال محبة الله, ومحبة عباده, واستوثق له أمره.
سورة الطلاق:
* ( فأمسكوهن بمعروف ) أي: على وجه المعاشرة الحسنة, والصحبة الجميلة, لا على وجه الضرر, وإرادة الشر والحبس, فإن إمساكها على هذا الوجه لا يجوز.
ــــــــــــــــــــــ(93)
* ( أو فارقوهن بمعروف ) أي: فراقاً لا محذور فيه, من غير تشاتم ولا تخاصم, ولا قهر لها على أخذ شيء من مالها.
* لما كان الطلاق قد يوقع في الضيق والكرب والغم, أمر تعالى بتقواه, ووعد من اتقاه في الطلاق وغيره أن يجعل له فرجاً ومخرجاً, فإذا أراد العبد الطلاق, ففعله على الوجه المشروع, بأن أوقعه طلقة واحدة, في غير حيض, ولا طهر أصابها فيها, فإنه لا يضيق عليه الأمر, بل جعل الله له فرجاً وسعة, يتمكن بها من الرجوع إلى النكاح, إذا ندم على الطلاق.
* من لم يتق الله, يقع في الآصار والأغلال, التي لا يقدر على التخلص منها, والخروج من تبعتها, واعتبر ذلك في الطلاق, فإن العبد إذا لم يتق الله فيه, بل أوقعه على الوجه المحرم, كالثلاث ونحوها, فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها, والخروج منها.
سورة التحريم:
* ( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) وقاية الأنفس, بإلزامها أمر الله امتثالاً, ونهيه اجتناباً, والتوبة عما يسخط الله, ويوجب العذاب, ووقاية الأهل والأولاد بتأديبهم, وتعليمهم, وإجبارهم على أمر الله, فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه, وفيمن تحت ولايته وتصرفه.
سورة المُلك:
* ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) أي: أخلصه وأصوبه.
* ( جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) وهذه الثلاثة, هي أفضل أعضاء البدن, وأكمل القوى الجسمانية.
ــــــــــــــــــــــــــ(94)
سورة القلم:
* ( وإنك لعلى خلق عظيم ) فكان سهلاً ليناً, قريباً من الناس, مجيباً لدعوة من دعاه, قاضياً لحاجة من استقصاه, جابراً لقلب من سأله, لا يحرمه, ولا يرده خائباً, وإذا أراد أصحابه منه أمراً, وافقهم عليه, وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور, وإن عزم على أمر لم يستبد به من دونهم, بل يشاورهم, ويؤامرهم, وكان يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم, ولم يكن يعاشر جليساً إلا أتم عشرة, فكان لا يعبس في وجهه, ولا يغلظ عليه في مقاله, ولا يطوى عنه بشرهُ, ولا يمسك عليه فلتات لسانه, ولا يؤاخذه بما صدر منه من جفوة. بل يحسن إليه غاية الإحسان ويحتمله غاية الاحتمال
* ( ولا تطع كل حلاف ) أي: كثير الحلف, فإنه لا يكون كذلك إلا وهو كذاب, ولا يكون كذاباً إلا وهو ( مهين ) أي: خسيس النفس, ناقص الحكمة, ليس له رغبة في الخير, بل إراداته في شهوات نفسه الخسيسة.
* ( هماز ) أي: كثير العيب للناس والطعن فيهم بالغيبة والاستهزاء وغير ذلك.
* ( مشاء بنميم ) أي: يمشى بين الناس بالنميمة, وهو: نقل كلام بعض الناس لبعض, لقصد الإفساد بينهم, وإيقاع العداوة والبغضاء,
* ( عتل بعد ذلك ) أي: غليظ شرس الخلق قاس, غير منقاد للحق, ( زنيم ) أي: دعي ليس له أصل ولا مادة ينتج منها الخير, بل أخلاقه أقبح الأخلاق, ولا يرجى منه فلاح.
* ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) فنمدهم بالأموال والأولاد, ونمدهم في الأرزاق والأعمال, ليغتروا ويستمروا على ما يضرهم, وهذا من كيد الله لهم. وكيد الله لأعدائه متين قوي, يبلغ من ضررهم وعقوبتهم كل مبلغ.
ــــــــــــــــــــــ(95)
سورة الحاقة:
* أهل الإعراض والغفلة, وأهل البلادة وعدم الفطنة,...ليس لهم انتفاع بآيات الله, لعدم وعيهم عن الله, وتفكرهم بآياته.
* ( ما أغنى عني ماليه ) أي: ما نفعني في الدنيا, لأني لم أقدم منه شيئاً, ولا في الأخرة قد ذهب وقت نفعه.
* ( هلك عني سلطانيه ) أي: ذهب واضمحل, فلم تنفع الجنود ولا الكثرة ولا العددُ, ولا العُددُ, ولا الجاه العريض, بل ذهب كله أدراج الرياح, وفاتت بسبه المتاجر والأرباح, وحضرت بدله الهموم والغموم والأتراح.
* مدار السعادة ومادتها أمران: الإخلاص لله الذي أصله الإيمان بالله, والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه الإحسان.
* أعلى مراتب العلم: اليقين, وهو: العلم الثابت الذي لا يتزلزل, ولا يزول.
سورة المعارج:
* ( ولا يسألُ حميم حميماً * يبصرونهم ) أي: يشاهد الحميم, وهو: القريب حميمه, فلا يبقى في قلبه متسع لسؤاله عن حاله, ولا فيما يتعلق بعشرتهم ومحبتهم, ولا يهمه إلا نفسه.
* ( إلا المصلين ) فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله, وأنفقوا مما خولهم, وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا, وقوله في وصفهم: ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) أي: مداومون عليها في أوقاتها, بشروطها, ومكملاتها, وليسوا كمن لا يفعلها, أو يفعلها وقتاً دون وقت, أو يفعلها على وجه ناقص. ( والذين هم على صلاتهم يحافظون ) بالمداومة عليها من أكمل الوجوه.
ــــــــــــــــــــ(96)
سورة المزمل:
* ( إن ناشئة الليل ) أي: الصلاة فيه بعد النوم, ( هي أشد وطئاً وأقوم قيلاً ) أي: أقرب إلى حصول مقصود القرآن, يتواطأ عليه القلب واللسان, وتقل الشواغل, ويفهم ما يقول.
* الانقطاع إلى الله, والإنابة إليه, هو الانفصال بالقلب عن الخلائق, والاتصاف بمحبة الله, وما يقرب إليه, ويوفي من رضاه.
* أمره الله بالصلاة خصوصاً, وبالذكر عموماً, وبذلك تحصل للعبد ملكة قوية, في تحمل الأثقال, وفعل الشاق من الأعمال.
* ( واستغفر الله إن الله غفور رحيم ) وفي الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة والخير, فائدة كبيرة, وذلك أن العبد لا يخلو من التقصير فيما أمر به, إما أن لا يفعله أصلاً, أو يفعله على وجه ناقص, فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار, فإن العبد يذنب آناء الليل والنهار, فمتى لم يتغمده الله برحمته ومغفرته, فإنه هالك.
سورة القيامة:
* في هذه الآية أدب لأخذ العلم, أن لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ المعلم من المسألة, التي شرع فيها, فإذا فرغ منها, سأله عما أشكل عليه, وكذلك إذا كان في أول الكلام ما وجب الرد أو الاستحسان أن لا يبادر برده أو قبوله قبل الفراغ من ذلك الكلام, ليتبين ما فيه من حق أو باطل, وليفهمه فهماً يتمكن فيه من الكلام فيه على وجه الصواب.
* ( إلى ربها ناظرة ) أي: ينظرون إلى ربهم على حسب مراتبهم, ومنهم من ينظره كل يوم بكرة وعشياً, ومنهم من ينظر كل جمعة مرة واحدة.
ـــــــــــــــــ(97)
سورة الإنسان:
* ( الأبرار ) هم: الذين برت قلوبهم بما فيها من معرفة الله ومحبته, والأخلاق الجميلة, فبرت أعمالهم, واستعملوها بأعمال البر.
* ( رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ) فتجد الواحد منهم, عنده من المساكن والغرف المزينة المزخرفة ما لا يدركه الوصف, ولديه من البساتين الزاهرة, والثمار الدانية, والفواكه اللذيذة, والأنهار الجارية, والرياض المعجبة, والطيور المطربة المشجية, ما يأخذ بالقلوب, ويفرح النفوس, وعنده من الزوجات اللاتي في غاية الحسن والإحسان, الجامعات لجمال الظاهر والباطن, الخيرات الحسان, ما يملأ القلب سروراً, ولذة وحبوراً, وحوله من الولدان المخلدين, والخدم المؤيدين, ما به تحصل الراحة والطمأنينة, وتتم لذة العيش, وتكمل الغبطة.
ثم علاوة على ذلك ومعظمه, الفوز برضا الرب الرحيم, وسماع خطابه, ولذة قربه, والابتهاج برضاه, والخلود الدائم, وتزايد ما هم فيه, من النعيم, كل وقت وحين.
* لما كان الصبر يستمد من القيام بطاعة الله, والإكثار من ذكره, أمره الله بذلك فقال: ( واذكر اسم ربك بكراً وأصيلاً ) أي: أول النهار وآخره, فدخل في ذلك الصلوات المكتوبة, وما يتبعها من النوافل والذكر والتسبيح والهليل والتكبير في هذه الأوقات.
سورة النازعات:
* ( والنازعات غرقاً ) وهم: الملائكة, التي تنزع الأرواح بقوة, وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح, فتجازى بعملها, ( والناشطات نشطاً ) وهي الملائكة أيضاً تجتذب الأرواح بقوة ونشاط, أو النشط يكون لأرواح المؤمنين, والنزع لأرواح الكفار.
ـــــــــــــــــــــ(98)ـــــ
* ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) فإن من يخشى الله, هو الذي ينتفع بالآيات, والعبر, فإذا رأى عقوبة فرعون, عرف أن من تكبر, وعصى, وبارز الملك الأعلى, يعاقبه في الدنيا, والآخرة, وأما من ترحلت خشية الله من قلبه, فلو جاءته كل آية لا يؤمن بها.
سورة عبس:

* دلَّ هذا...أنه ينبغي الإقبال على طالب العلم المفتقر إليه, الحريص عليه, أزيد من غيره.
سورة التكوير:
* قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين فليتدبر سورة ( إذا الشمس كورت )
سورة المطففين:
* دلت الآية الكريمة على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له, يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات, بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات, فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ماله من الحجج, فيجب عليه أيضاً أن يبين ما لخصمه من الحجة التي لا يعلمها, وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو. وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه وتعسفه, وتواضعه من كبره, وعقله من سفهه.
* في هذه الآيات التحذير من الذنوب, فإنها ترين على القلب وتغطيه, شيئاً فشيئاً, حتى ينطمس نوره, وتموت بصيرته, فتنقلب عليه الحقائق, فيرى الباطل حقاً, والحق باطلاً, وهذا من أعظم عقوبات الذنوب.
ـــــــــــــــــــ(99)
سورة الانشقاق:
* ( فأما من أوتى كتابه بيمنه ) وهم أهل السعادة, ( فسوف يحاسب حساباً يسيراً ) وهو العرض اليسير على الله, فيقرره الله بذنوبه حتى إذا ظن العبد أنه قد هلك, قال الله تعالى: إني فد سترتها عليك في الدنيا, وأنا أسترها لك اليوم. ( وينقلب إلى أهله ) في الجنة. ( مسروراً ) لأنه قد نجا من العذاب, وفاز بالثواب.
سورة البروج:
* ( إن بطش ربك لشديد ) أي: إن عقوبته لأهل الجرائم والذنوب العظام, لقوية شديدة, وهو للظالمين بالمرصاد.
* ( الودود ) الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء, فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال والمعاني والأفعال, فمحبته في قلوب خواص خلقه التابعة لذلك. لا يشبهها شيء من أنواع المحاب, ولهذا كانت محبته أصل العبودية, وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها, وإن لم يكن غيرها تبعاً لها كانت عذاباً على أهلها.
وهو تعالى الودود, الوادُّ لأحبابه, كما قال تعالى: ( يجبهم ويحبونه ) والمودة هي المحبة الصافية.
سورة الطارق:
* ( يوم تبلى السرائر ) أي: تختبر سرائر الصدور, ويظهر ما كان في القلوب, من خير وشر, على صفحات الوجوه, كما قال تعالى: ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) ففي الدنيا ينكتم كثير من الأشياء, ولا يظهر عياناً للناس, وأما يوم القيامة, فيظهر برُّ الأبرار, وفجور الفجار, وتصير الأمور علانية.
ــــــــــــــــــــ(100)
سورة الأعلى:
* ( فذكر ) بشرع الله وآياته, ( إن نفعت الذكرى ) أي: مادامت الذكرى مقبولة, والموعظة مسموعة, سواء حصل من الذكرى جميع المقصود, أو بعضه, ومفهوم الآية أنه إذا لم تنفع الذكرى, بأن كان التذكير يزيد في الشر, أو ينقص من الخير, لم تكن مأموراً بها, بل هي منهي عنها.
* ( قد أفلح من تزكى ) أي: قد فاز وربح من طهر نفسه, ونقاها من الشرك, والظلم, ومساوئ الأخلاق.
* ( والآخرة خير وأبقى ) خير من الدنيا, في كل وصف مطلوب, وأبقى لكونها دار خلد وبقاء, والدنيا دار فناء, فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود, ولا يبيع لذة ساعة بترحة الأبد, فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة.
سورة الفجر:
* ( إن ربك لبالمرصاد ) لمن يعصيه, يمهله قليلاً ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
* الغنى والفقر, والسعة والضيق, ابتلاء من الله, وامتحان يمتحن به العباد, ليرى من يقوم بالشكر والصبر, فيثيبه على ذلك, الثواب الجزيل, ومن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل.
* ( يقول أهلكت مالاً لبداً ) أي: كثيراً,...سمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي, إهلاكاً لأنه لا ينفع المنفق بما أنفق, ولا يعود إليه من إنفاقه إلا الندم والخسارة.
سورة الشمس:
* ( قد أفلح من زكاها ) أي: طهر نفسه من الذنوب, ونفاها من العيوب, ورقاها بطاعة الله, وعلاها بالعلم النافع, والعمل الصالح.
ـــــــــــــــــــ(101)
سورة الليل
* ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى ) أي: ليس لأحد من الخلق على هذا الأتقى نعمة تجزى, إلا وقد كافأه عليها, وربما بقي له الفضل والمنة على الناس, فتمخض عبداً لله, لأنه رقيق إحسانه وحده. وأما من يقيت عليه نعمة الناس, فلم يجزها ويكافئها, فإنه لا بد أن يترك الناس, ويفعل لهم ما ينقص إخلاصه.
سورة الضحى:
* ( وأما السائل فلا تنهر ) أي: لا يصدر منك كلام للسائل يقتضى رده عن مطلوبه, بنهر وشراسة خلق, بل أعطه ما تيسر عندك, أو ردّه بمعروف وإحسان, ويدخل قي هذا السائل للمال, والسائل للعلم.
* المعلم مأمور بحسن الخلق مع المتعلم, ومباشرته بالإكرام, والتحنن عليه, فإن في ذلك معونة له على مقصده, وإكراماً لمن يسعى في نفع العباد والبلاد.
* ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية, أي: أثن على الله بها, وخصها بالذكر إن كان هناك مصلحة. وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق, فإن التحدث بنعمة الله داع لشكرها, وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها, فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.
سورة الشرح:
* ( فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً ) بشارة عظيمة, أنه كلما وجد عسر وصعوبة, فإن اليسر يقارنه ويصاحبه, حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه, كما قال تعالى: ( سيجعل الله بعد عسر يسراً ) وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ وإن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسراً.]
ــــــــــــــــــــ(102)
* ( فإذا فرغت فانصب ) أي: إذا تفرغت من أشغالك, ولم يبق في قلبك ما يعقوه, فاجتهد في العبادة والدعاء....ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا, وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره, فتكون من الخاسرين.
سورة التين:
* أكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم, مشتغلون باللهو واللعب, قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمر, وسفساف الأخلاق, فردهم الله في أسفل سافلين, أي: أسفل النار, موضع العصاة, المتمردين على ربهم, إلا من منَّ الله عليه بالإيمان, والعمل الصالح, والأخلاق الفاضلة العالية.
سورة العلق:
* الإنسان لجهله وظلمه إذا رأى نفسه غنياً طغى وبغى, وتجبر عن الهدى, ونسي أن لربه الرجعى, ولم يخف الجزاء. بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه, ويدعو غيره إلى تركه.
سورة الزلزلة:
* ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) وهذا فيه الترغيب في فعل الخير ولو قليلاً, والترهيب من فعل الشر ولو كان حقيراً.
سورة العاديات
* ( وإنه لحب الخير لشديد ), ( وإنه ), أي: الإنسان, ( لحب الخير ) أي: المال, ( لشديد) أي: كثير الحب للمال, وحبه لذلك هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه, قدم شهوة نفسه على رضا ربه. وكلُّ هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار, وغفل عن الآخرة.
ــــــــــــــــــــــــ(103)ـــ
سورة التكاثر:
* ( ألهاكم ) عن ذلك المذكور ( التكاثر ) ولم يذكر المتكاثر به, ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون, ويفتخر به المفتخرون, من الأموال, والأولاد, والأنصار, والجنود, والخدم, والجاه, وغبر ذلك, مما يقصد به مكاثرة كل واحد للآخر, وليس المقصود منه وجه الله. فاستمرت غفلتكم ولهوتكم وتشغالكم ( حتى زرتم المقابر ) فانكشف حينئذ لكم الغطاء, ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه.
* ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) أي: لو تعلمون علماً يصل إلى القلوب, لما ألهاكم التكاثر, ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة, ولكن عدم العلم الحقيقي صيّركم إلى ما ترون
* ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) الذي تنعمتم به في دار الدنيا, هل قمت بشكره, وأديتم حق الله فيه, ولم تستعينوا به على معاصيه, فينعمكم نعيماً, أعلى منه وأفضل, أم اغتررتم به, ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به العاصي, فيعاقبكم على ذلك.
سورة الهُمزة:
* ( ويل ) أي: وعيد ووبال وشدة عذاب, ( لكل همزة لمزة ) أي: الذي يهمز الناس بفعله, ويلمزهم بقوله, فالهماز: الذي يعيب الناس ويطعن عليهم بالإشارة والفعل, واللماز: الذي يعيبهم بقوله.
* البخل يقصف الأعمال, ويخرب الديار, والبر يزيد في العمر
سورة قريش:
* رغد الرزق, والأمن من الخوف, من أكبر النعم الدنيوية, الموجبة لشكر الله تعالى.
سورة الماعون:
* ( عن صلاتهم ساهون ) أي: مضيعون لها, تاركون لوقتها, مخلون بأركانها.
ــــــــــــــــــ(104)

سورة الفلق:

* الحاسد. هو: الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها, بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره, وإبطال كيده.
* يدخل في الحاسد, العاين, لأنه لا تصدر العين, إلا من حاسد شرير الطبع, خبيث النفس.
* هذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور, عموماً وخصوصاً, ودلت على أن السحر له حقيقة, يخشى من ضرره, ويستعاذ بالله منه, ومن أهله.
سورة الناس:
* هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس, ومالكهم, وإلههم, من الشيطان, الذي هو أصل الشرور كلها, ومادتها, الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس, فيحسن لهم الشر, ويثبطهم عن الخير, ويريهم إياه في صورة غير صورته, وهو دائماً بهذه الحال, يوسوس, ثم يخنس, أي: يتأخر عن الوسوسة, إذا ذكر العبد ربه, واستعان على دفعه.
والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس, ولهذا قال: ( من الجِنّة والناس )
خاتمة
قال العلامة السعدي رحمه الله: الحمد لله رب العالمين, أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً, ونسأله تعالى أن يتم نعمته, وأن يعفر لنا ذنوبنا, التي حالت بيننا وبين كثير من بركاته وخطايا وشهوات بقلوبنا عن تدبر آياته, ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا, فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون, ولا يقنط من رحمته إلا الضالون, وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــ(105)

فهرس المحتويات

الموضوع

الصفحة

المقدمة

   3

سورة البقرة

   4  

سورة آل عمران

   9

سورة النساء

   9

سورة المائدة

   14

سورة الأنعام

   16

سورة الأعراف

   18

سورة الأنفال

   20

سورة التوبة

   22

سورة يونس

   27

سورة هود

   29

سورة يوسف

   31

سورة الرعد

   37

سورة إبراهيم

   38

سورة الحجر

   39

سورة النحل

   40

سورة الإسراء

   43

ــــــــــــــــ(106)  

سورة الكهف

   45  

سورة طه

   48

سورة الأنبياء

   54

سورة الحج

   55

سورة المؤمنون

   57

سورة النور

   58

سورة الفرقان

   60  

سورة الشعراء

   62

سورة النمل

   63

سورة القصص

   65

سورة العنكبوت

   66

سورة الروم

   68

سورة لقمان

   69  

سورة السجدة

   70

سورة الأحزاب

   70

سورة سبأ

   73

سورة فاطر

   73

سورة يس

   74

سورة الصافات

   74

ــــــــــــــ(107)

سورة ص

   75  

سورة الزمر

   77

سورة غافر

   78

سورة فصلت

   79

سورة الشورى

   81

سورة الزخرف

   83

سورة الدخان

   83  

سورة الأحقاف

   84

سورة محمد

   84

سورة الفتح

   85

سورة الحجرات

   85

سورة " ق "

   85

سورة الذاريات

   86  

سورة الطور

   87

سورة القمر

   87

سورة الرحمن

   87

سورة الواقعة

   88

سورة الحديد

   89

سورة المجادلة

   89

ــــــــــــــ(108)

سورة الحشر

   89  

سورة الممتحنة

   91

سورة الصف

   91

سورة الجمعة

   91

سورة المنافقون

   92

سورة التغابن

   92

سورة الطلاق

   93  

سورة التحريم

   94

سورة الملك

   94

سورة القلم

   95

سورة الحاقة

   96

سورة المعارج

   96

سورة المزمل

   97  

سورة القيامة

   97

سورة الإنسان

   98

سورة النازعات

   98

سورة عبس

   99

سورة التكوير

   99

سورة المطففين

   99

ــــــــــــــ(109)

سورة الانشقاق

  100  

سورة البروج

  100

سورة الطارق

  100

سورة الأعلى

  101

سورة الفجر

  101

سورة الشمس

  101

سورة الليل

  102  

سورة الضحى

  102

سورة الشرح

  102

سورة التين

  103

سورة العلق

  103

سورة الزلزلة

  103

سورة العاديات

  103   

سورة التكاثر

  104

سورة الهمزة

  104

سورة قريش

  104

سورة الماعون

  104

سورة الفلق

  105

سورة الناس

  105

ــــــــــــــ(110)

=====================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معاني

فهرس معاني الكلمات 001 الفاتحة ► 002 البقرة ► 003 آل عمران ► 004 النساء ► 005 المائدة ► 006 الأنعام ► 007 الأعراف ► 008 الأنفال ► 009 التوب...